طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية عن مدينة ملكها سبعة من الملوك باد ملكهم

صفحة 209 - الجزء 1

حكاية عن مدينة ملكها سبعة من الملوك باد ملكهم

  روي أنَّ الاسكندر مر في سفره بمدينة قد ملكها سبعة من الملوك وبادوا جميعهم، فقال: هل بقي من نسل هؤلاء أحد؟ قالوا: نعم بقي رجل وهو في المقابر لا يسكن لأحد، ولا يأنس إلا بالواحد الفرد الصمد، فقال لهم: دلوني على مكانه، فدلوه عليه، فلما أتاه رأى رجلاً قد أنحلته العبادة، وأذابه الخوف، فسلم عليه ذو القرنين # فقال ذو القرنين: يا هذا ما حملك على لزوم المقابر؟ فأطرق إلى الأرض ثم رفع رأسه وقال: أردت أن أعزل عظام الملوك عن عظام عبيدهم فلم أقدر على ذلك، فقال له الاسكندر: هل لك أن تتبعني فأحيي بك شرف آبائك إن كانت لك همة، فقال: إن همتي لعلية إن كانت عندك بغيتي، قال: وما بغيتك؟

  قال: أبغي حياة لا موت بعدها، وشباباً لا هرم بعده، وغنى لا فقر بعده، قال ذو القرنين: لا أقدر على ذلك، قال: فامض لشأنك ودعني أطلب ذلك ممن هو عليه أقدر، وله أملك، فإن الدنيا قد ذهبت، والآخرة قد قربت، والسفر بعيد، وليس معي زاد، والرقاد طويل، وأنا على غير مهاد.

  قلت: ولله دره فلقد قدر الدنيا حق قدرها، وطلب السعادة الأبدية، والراحة السرمدية، ولله القائل:

  سلام على أهل القبور الدوارس ... كأنكم لم تجلسوا في المجالس

  ولم تشربوا من بارد الماء شربة ... ولم تأكلوا من بين رطب ويابس

  ألا خبروني أين قبر فقيركم ... وأين الغني الباذخ المتشاوس