طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

موعظة عظيمة للإمام علي #

صفحة 267 - الجزء 1

  الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه، وأستهدي الله الهدى، وأعوذ به من الضلالة والردى، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ÷ أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب لكم الأمثال، ووقت لكم الآجال، وجعل لكم أسماعاً لتعي ما عناها، وأبصاراً لتجلو عن غشاها، وأفئدة لتفهم ما دهاها في تركيب صورها، ومدد عمرها، فإن الله لم يخلقكم عبثاً، ولم يهملكم سدى، ولم يضرب عنكم الذكر صفحاً، بل أكرمكم بالنعم السوابغ، وأرفدكم بالرُّفد الروافد، وأحاط بكم الإحصاء، وأرصد لكم الجزاء في السراء والضراء، فاتقوا الله عباد الله، وأجدوا في الطلب ونجاة الهرب، وبادروا بالعمل قبل منقطع النهدات وهادم اللذات، فإن الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجائعها، ولا تتوقى سوآتها، غرور حائل، وشجىً قاتل، وسناد مائل، تضني مستطرفها، وتردي مستزيدها، وتخيل مصرعها، وتصرم حبالها، فاتعظوا عباد الله بالعبر، واعتبروا بالأثر، وازدجروا بالنذر، سلى طالب المنية، وضمنتم بيت التراب، ودهتكم الساعة بنفخة الصور وبعثرة القبور وسياقة المحشر إلى الحساب بإحاطة الجبار، كل نفس معها سائق وشهيد، سائق يسوقها إلي محشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها، {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٦٩}⁣[الزمر] فارتجت الأرض لنداء المنادي، وكشفت عن ساق، وكان يوم التلاق، وكورت الشمس، وحشرت الوحوش، وارتجت الأفئدة، ونزل بأهل النار من الله سطوة مجتاحة⁣(⁣١)، وزفير ووعيد، تأجج جحيمها، وغلا حميمها، وتوقدت سمومها، لا يهرم


(١) مجتاحة [وعقوبة متاحة، وقربت الجحيم لها لجب وكلب ولهب ساطع وتغيظ وتلظ].