طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

موعظة عظيمة للإمام علي #

صفحة 268 - الجزء 1

  خالدها، ولا يظعن مقيمها، ولا تفصم كبولها، معهم ملائكة الزجر يبشرونهم بنزلٍ من حميم، وتصلية جحيم، هم عن الله محجوبون، ولأوليائه مفارقون، وإلى النار منطلقون، حتى إذا أتوا جهنم قالوا: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ ١٠٠ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ١٠١ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ١٠٢}⁣[الشعراء] قيل لهم: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ٢٤}⁣[الصافات]، وجهنم تناديهم، وهي مشرفة عليهم: إليّ بأهلي، وعزة ربي لأنتقمن اليوم من أعدائه، ثم يناديهم ملك من الزبانية، ثم يسحبهم حتى يلقيهم في النار على وجوههم، ثم يقول: {ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ١٨١}⁣[آل عمران].

  ثم أزلفت الجنة للمتقين مخضرة، محضاً للناظرين، فيها درجات لا يبيد نعيمها، ولا ييأس ساكنها، أمنوا الموت فصفا لهم ما فيها، فيها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى مع أزواج مطهرة، وحور عين كأنهن الياقوت والمرجان، مع حلية وآنية من فضة، ولباس السندس الأخضر، والفواكه الدائمة، وتدخل عليهم الملائكة فتقول: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ٢٤}⁣[الرعد]، فلا تزال الكرامة لهم حين وفدوا إلى خالقهم، وقعدوا في داره ونالهم {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ٥٨}⁣[يس]. فأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة الذين خلصوا إليها، وخلصت لهم، عباد الله اتقوا الله تقية من كنع فخشع، وقنع فوجل، ووجل فحذر، واجتنب هائباً، ونجا هارباً، وأفاد ذخيرة، وأطاب سريرة، وقدّم للمعاد، واستظهر بالزاد، وكفى بالله منتقماً وخصيماً، وكفى بالجنة ثواباً ونوالاً، وكفى بالنار عقاباً ونكالاً.