طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية حاضر صاحب الإمام عيسى بن زيد #

صفحة 297 - الجزء 1

  المقيم، حتى إذا سمعت مني بيتين من الشعر الذي لم يجعل الله لك فيه خيراً ولا أدباً ولا جعل لك معاشاً غيره لم تتذكر ما سلف منك فتتلافاه، ولا اعتذرت مما قدمته وفرطت فيه من الحق حتى استنشدتني مبتدئاً كأن بيننا أنساً قديماً، ومعرفة سابقة، وصحبة تبسط المنقبض، فقلت له: تعذرني متفضلاً فدون ما أنا فيه يدهش، قال: وفي أي شيء؟ أنت إنما تر كت قول الشعر الذي كان جاهاً لك عندهم، وسبيلك إليهم فحبسوك حتى تقول وأنت لابد من أن تقول فتطلق، وأنا يدعى بي الساعة فأطالب بعيسى بن زيد بن رسول الله ÷ فإن دللت عليه فقتل لقيت الله بدمه، وكان رسول الله ÷ خصمي فيه، وإلا قتلت مكانه فأنا أولى بالحيرة منك، وأنت ترى احتسابي وصبري، فقلت: يكفيك الله. وأطرقت خجلاً منه، فقال: لا أجمع عليك التوبيخ والمنع اسمع البيتين فاحفظهما، فأعادهما علي مراراً حتى حفظتهما، ثم دعي به وبي، فلما قمنا قلت: من أنت أعزك الله؟ قال: أنا حاضر صاحب عيسي بن زيد، فأدخلنا على المهدي فلما وقف بين يديه قال له: أين عيسى بن زيد؟ فقال: ما يدريني أين عيسى بن زيد طلبته وأخفته فهرب منك في البلاد، وأخذتني فحبستني فمن أين أقف علي موضع هارب منك وأنا محبوس؟ فقال له: وأين كان متوارياً؟ ومتى كان آخر عهدك به؟ وعند من لقيته؟ فقال: ما لقيته منذ توارى ولا أعرف له خبراً، فقال: والله لتدل عليه أو لأضربن عنقك الساعة، فقال: اصنع ما بدا لك أنا أدلك على ابن رسول الله لتقتله، وألقى الله ورسوله وهما يطالبانني بدمه! والله لو كان بين ثوبي وجلدي ما كشفت عنه، فقال: اضربوا عنقه، فقدم فضرب عنقه، ثم دعا بي فقال: أتقول الشعر أو ألحقك به؟ فقلت: بل أقول الشعر فقال: أطلقوه. قال محمد بن القاسم بن مهرويه: والبيتان اللذان سمعهما من حاضر في شعره الآن، يعني أدرجهما بعض الجهلة مع شعر أبي العتاهية.