طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

من رسالة للإمام الناصر محمد بن علي بن صلاح الدين إلى ولده علي

صفحة 315 - الجزء 1

من رسالة للإمام الناصر محمد بن علي بن صلاح الدين إلى ولده علي

  ثبت الله أحوال الولد جمال الدين علي ووفقه لمحاسن الخلال، وزينه بالإحاطة بعلم الحرام والحلال وأكرمه بالورع والتقوى، وألزمه سمت الحق في الصمت والنجوى وهداه إلى الخيرات وذاده عن المكروهات والمحظورات، وأتحفه بشريف السلام. اعلم يا بني أنك في غرة اجتماع الشهوات، وقاموس دواعي اللذات، وعباب صولة الشيطان، نعوذ بالله منه، وقوة مضرة النفس المركبة في الإنسان، وارتفاع منار الهوى، وشدة اضطراب الأهواء، وضعف العقل المانع، وخَوَر الحجا الوازع، والأخطار العظيمة، والمخاوف الظاهرة الجسيمة، سيما في هذا الزمان فإن الخير قد خَلَق، إن هذا الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، وأنت الآن بين أمرين، إن صنت نفسك عن الهلاك وزممتها بعفاف الإمساك وقدعتها عن الزلل والارتباك فعسى أن تفوز بالحظ الأسنى، وتنال من الله الزيادة والحسنى، ويرجى لك مع ذلك ما يرجى للأبرار، وتعد في جملة المصطفين الأخيار، وإذا انتفعت في نفسك فربما نفع الله بك غيرك بدعاء يستجاب، وعمل يستطاب، وشفاعة مقبولة، ونفاعة مبذولة، وإن أوردت نفسك موارد التلف ولم تصنها عما نزهها آباؤك، وفضلاء السلف، وصُمّت أذُناك عن أمور الآخرة، وعميت عيناك عن العترة الطاهرة، وهشتْ حواسك إلى جنى أمانيها ولم تعرج بين محاسنها ومساويها، وانجحفت في ميدان اللهو العنيد، حتى {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ١٩}⁣[ق] فاغرس يا بني كلامي هذا في