ومن كتاب (نهاية الظالمين) للحازمي أيضا
  مكروهاً من الناس مكروهاً من أهله، كان يعذب ضحاياه في الليل ويعذبه الله تعالى اليوم في الليل أيضاً.
  وكانت أعضاء المعذبين تتساقط من تعذيبه، واليوم تتساقط أعضاؤه عضواً، عضواً. أبقى الله لسانه ليحدث الناس عن أعماله الإجرامية، وأبقى ذاكرته واعية ليعدد على الناس ما اقترف من الآثام، وأبقى عقله حاضراً ليتذكر ويندم ولات ساعة مندم، وأبقى قلبه ينبض حتى يتحمل عذاب الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأقسى.
  هل يعتبر الناس؟ وصدق الله العظيم: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ ٤٥}[سورة إبراهيم].
  قلت ويكفي في مثل من هذا حاله أفراداً وجماعات ممن له عقل قول العزيز الحكيم في محكم القرآن الكريم: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ٤٢ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ٤٣}[إبراهيم] وقول النبي ÷: «الظلم ظلمات يوم القيامة».
  تكبروا فاستطالوا في تكبرهم ... وعن قليل كأن الأمر لم يكن
  لو أنصفوا أُنصفوا لكن بغوا فبغى ... عليهم الدهر بالآفات والمحن
  فأصبحوا ولسان الحال يندبهم ... هذا بذاك ولا عتبي على الزمن