في ذكر الموت
  بروح وليي فحسبي من عمله أني قد بلوته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب، فيذهب ملك الموت ومعه مسك من الجنة وحرير أبيض، ويهبط في أثره خمسمائة ملك مع كل واحد ريحان من الجنة فيحدقون بالولي، ويقول له ملك الموت: يا ولي الله ارتحل من الدنيا الدنية فليست لك بموطن، فيقوم ملك الموت باستخراج روحه ألطف من الوالدة الشفيقة بولدها، ثم يرفعها لملائكة الرحمة فيصعدون بها إلى السماء فتفتح لها أبواب السموات، وتستغفر لها الملائكة، وتفوح لها رائحة كرائحة المسك، حتى توقف بين يدي الله تعالى فيقول الله تعالى: مرحباً بالنفس الطيبة، أَبشري برحمة، ثم يؤمر بها فيعرض عليها مقعدها من الجنة، ثم ترد إلى المبيت عند مسألة منكر ونكير فيعود حياً كما كان ويُسأل عن الإيمان بالله تعالى والرسول، فيثبته الله تعالى بالقول الثابت كما أخبر الله سبحانه، فإذا شهد الوحدانية والرسالة ناداه منادٍ صدق ونفعه الصدق، فيفسح له في قبره ويفتح له باب إلى الجنة يجد منه لذة النعيم، وتخرج الروح فتكون في عليين جنة المأوى عند سدرة المنتهى، في صدور طيور بيض وخضر تسرح حيث تشاء، وتزور القبر يوم الجمعة، فتكون عليه كالروح منعمة مدركة، والجسد في التراب، وإن فني وتلاشى فإن الله تعالى قادر أن يخلق فيه إدراكاً كما يشاء، وفي الحديث أن الملكين يقولان للمؤمن: «نم هنيئاً فقد كنت تقول ذلك من قبل» فوالله ما نومته تلك إلى أن ينفخ في الصور إلا كنومة نامها أحدكم ثم استيقظ قبل أن يرى رؤيا، وأما الفاجر فتحضره ملائكة العذاب ومعهم أغلالٌ ومسوح من النار، فتخرج روحه بعنف وشدة، وتدفع لملائكة العذاب، فيصعدون بها فتفوح لها رائحة خبيثة، وتلعنها الملائكة، وتغلق دونها أبواب السماء، وترد إلى الجسد عند سؤال منكر ونكير، فيفتن في قبره ولا يشهد بالحق، فيفتح له باب من النار، فيكون الجسد معذباً إلى يوم القيامة، والروح محبوسة في سجن صخرة سوداء على شفير