وصية أمير المؤمنين لكميل بن زياد
  لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة، الا لا دا ولا ذاك، أو منهوماً باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرماً بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شيء شبهاً بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه.
  اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم الله بحجة، إما ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً، لئلا تبطل حجج الله وبيناته وكم ذا وأين أولئك؟!.
  أولئك والله الأقلون عدداً، والأعظمون عند الله قدراً، يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه آهٍ آهٍ شوقاً إلى رؤيتهم، انصرف يا كميل إن شئت».
  روى هذه الخطبة وأجلَّها وحفظها ووله بها الكثير من أهل السنة والشيعة بالشرح والتحليل، قال بعض العارفين - رضي الله تعالى عنهم -: من حفظها عن ظهر قلب فتح الله عليه باب العرفان، وأيده بالبرهان، ورزقه يقين المعرفة وملأ قلبه حكمة وإيماناً، وعلمه من كنوز العلم، وجعله من أهل المواهب، سبع هي من زينة الدنيا والآخرة فاحفظها أيها القارئ تتحف بها معلوماتك ومجلسك وتنير بها إيمانك وفكرك إن شاء الله تعالى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه الراشدين آمين.