طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

من (المصابيح) للشرفي في عبادة أمير المؤمنين

صفحة 373 - الجزء 1

  والاستغفار والبكاء والبث والشكوى فكان مما ناجى به ربه أن قال:

  إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي، ثم قال: آهٍ إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها فتقول: خذوه، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، ولا يرحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء. ثم قال: آهٍ من نار تنضج الأكباد والكلى، آهٍ من نزاعة للشوى، آهٍ من ملهبات لظى. قال: ثم أمعن في البكاء فلم أسمع له حساً ولا حركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر أو قصد لصلاة الفجر، فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحركته فلم يتحرك، فزويته فلم ينزو، وقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب. قال: فأتيت منزله مبادراً أنعاه إليهم، فقالت فاطمة &: لهي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ونظر إلي وأنا أبكي فقال: مم بكاؤك؟ فقلت: بما أراك تنزله بنفسك. فقال: يا أبا الدرداء فكيف لو رأيتني وقد دعيت إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ وزبانية أفظاظ؛ فوقفت بين يدي الملك الجبار، وقد أسلمني الأحباء ورحمني أهل الدنيا لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية.

  وفيها عن الباقر # إن كان أمير المؤمنين علي # ليأكل أكلة العبد، ويجلس جلسة العبد، وإن كان ليشتري القميصين السنبلانيين ويخير غلامه خيرهما ثم يلبس الآخر، فإذا جاوز كمه أصابعه قطعه، وإذا جاوز كفيه حذفه، ولقد ولي خمس سنين، ما وضع آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا قطع قطيعاً، ولا أورث بيضاء ولا حمراء، وإن كان ليعطي خبز البر واللحم وينصرف