طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية طريفة لشاب مع عروسته

صفحة 385 - الجزء 1

  الأديب محمد الهبي كان طالباً للعلم بصعدة، وكان لأحد مياسيرها من الغنى والثروة بنت رائعة الجمال، كاملة الأوصاف، عديمة الشكل والمثال، فأراد أبوها أن يزوجها بمن يكون في بيته لئلا تنتقل عنه لشغف الأب بها، فاختار لتلك الجوهرة المصونة والدرة المكنونة الأديب الهبي، فمنحه إياها والمواهب من الله - جل وعلا - فدخل عليها، وتمتع بريّاها، واحتسى كأس حميّاها - ولم يخرج عنها من البيت نحو السنة على الحالة الحسنة مع والٍ كفاها كل عناها وهي تظن زوجها في غنى، وأن ما تلبسه من الرياش والمجوهرات من ذلك الشخص الذي لاحظه السعد ونال المنى، فكان منها في بعض الأيام السبق إلى المغتسل (أي الحمام) ففاجأها وهي مخلوعة الثياب فاعتراها الخجل فأرسلت ذوائبها التي أسود من غداف الغراب وكالثعابين، فغطت جميع بدنها، فبهت ذلك الأديب وغلط في العد وضاع الحساب، لما شاهد من العجب العجاب، فقال: ما كنت أحق بك لجمالك الرائع، ولضعف حالي عن المكافأة لمن هي أجمل من البدر الطالع، فأنفت تلك الدمية وحلت تلك المطارحة في المفصل بأعظم من الرمية، ففارقها مكرهاً مفارقة الفرزدق نوار، وندم ندامة الكسعى حين بان له النهار، ولم يزل يشبب بها حتى خرج هائماً على وجهه محتاراً، ولم يزل يعمل السير مجداً إلى أبي عريش وقد انقطع منه الخوافي والريش، فلاذ بالمهدي القطبي الحسني ومدحه بالقصيدة التي مستهلها: (يا مربع الحي بذات الرندي)، فلما سمع القطبي ما وصفها به الهبي قال: هل هذا الوصف يوجد لغيداء في هذا الزمان؟ فقال: إي وحياة رأسك يا تاج آل عدنان، ثم أفهمه القصة وبما ناله من الغصة، وظن أنها قد فاتت الفرصة، فقال القطبي: إن كانت تلك الدمية كما وصفت فعلي المساعدة بما أردت فقال: هي فوق الوصف، ولساني لا يفي بالثناء عليها وقد عاملني الدهر بالعسف، فلم يسع المهدي إلا مشاهدتها بنفسه فتوجه من أبي عريش، والهبي من الفرح قد كاد يذهب حسه ويطيش، فلما وافى والدها ذلك المليك، وأفهمه أنه