طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية طريفة لرجل فركته زوجته فطلقها وهام فيها

صفحة 386 - الجزء 1

  يريد زواج ابنته فصار منه التمليك، فدخلت إليه كالظبي النافر، فشاهد من جمالها الباهر فطلقها لحينها قبل الدخول، وكلم والدها في إنكاحها بالهبي فاحتار كيف يقول فبذل لتلك النافرة من النقود والرياش وسكن فيها الجأش، وتكفل بجميع ما يلزم من مظنونها وضاعف لها الرغائب حتى رضيت لحينها فتم الوصل، واجتمع الشمل بالشمل. وهذه من القضايا العجيبة والفتوة العربية وما أعظمها من منقبة، وأبقاها للذكر الحسن وليس كل الشعر أرقه أكذبه بل ما زاد في المبالغة ينال به المطالب.

  وهذه هي القصيدة الفائقة، وبلسان الفصاحة والبلاغة ناطقة:

  يا مربع الحي بذات الرندي ... بالله خبر كيف كنت بعدي

  هل وقفة فيك الغداة تجدي ... واحر أكبادي وطول وجدي

  نوحي وحزني فيك أقصى جهدي

  كنت لريا ولعليا ملعبا ... وكل رعنا ذات ثغر أشنبا

  أصبحت مأوى للنعام والضبا ... وفيك طير البوم ليلاً نعبا

  جادك هطال صدوق الرعد

  أصبحت بعد الطاعنين مقفرا ... مغبرا منگرا مدعثرا

  فيك النعام والضباء والفِرا ... فدمع عينيَ لما نلتُ جرى

  سقاك من مجلجل مسوّدِ

  ينبت فيك الشيح والينوفرُ ... ويضحك الآس ضحى والعَبْهرُ

  إذا غدا يركض فيك السنبرُ ... والزهر فيك أبيضٌ وأحمرُ

  وعانق البان غصون الرندي

  فليت شعري هل يعود ما مضى ... ويرجع العيش الذي قد انقضى