طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

زيد بن حارثة

صفحة 46 - الجزء 1

  الأسير جئناك في ابننا عبدك، فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه)، قال: (من هو؟) قالوا: زيد بن حارثة، فقال رسول الله ÷: «فهلاَّ غير ذلك»، قالوا: وما هو؟ قال «ادعوه فأخبروه، فإن اختاركم فهو لكم بدون فداء، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً»، قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت فدعاه فقال: «هل تعرف هؤلاء»؟ قال: نعم، قال: «من هذا»؟ قال: هذا أبي وهذا عمي، قال: «فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما»، قال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحداً، أنت مني مكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟

  قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئاً ما أنا بالذي أختار عليه أحداً أبداً، فلما رأى رسول الله ÷ ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: «يا من حضر اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه»، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما فانصرفا، ودعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام فنزلت: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}⁣[الأحزاب: ٥] فدعي يومئذٍ زيد بن حارثة، ودعي الأدعياء إلى آبائهم، فدعي المقداد بن عمرو، وكان يقال له قبل ذلك المقداد بن الأسود؛ لأن الأسود بن عبد يغوث كان تبناه. وذكر معمر في جامعه عن الزهري قال: ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة، قال أبو معمر ¥: وقد روي عن الزهري من وجوه أن أول من أسلم خديجة. وشهد زيد بن حارثة بدراً، فزوجه الرسول الله ÷ مولاته أم أيمن فولدت له أسامة بن زيد وبه كان يكنى، وكان يقال لزيد بن حارثة حب رسول الله ÷. روي عن النبي ÷ أنه قال: «أحب الناس إليَّ من أنعم الله عليه وأنعمت عليه» يعني زيد بن حارثة، أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعم عليه رسول