طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حديث الأعمش والمنصور

صفحة 54 - الجزء 1

  على ذلك، وقلت: وجدت عنده عون صدقٍ من النصرة، فقال لي: أُدن يا سليمان، فدنوت، فلما قربت منه أقبلت على عمرو بن عبيد أسأله وفاح مني رائحة الحنوط فقال: يا سليمان ما هذه الرائحة؟ والله لتصدقني وإلا قتلتك، فقلت: يا أمير المؤمنين أتاني رسولك في جوف الليل، فقلت في نفسي ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة إلا ليسألني عن فضائل أمير المؤمنين علي، فإن أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي ولبست كفني وتحنطت، فاستوى جالساً وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

  ثم قال: أتدري يا سليمان ما اسمي؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: ما اسمي؟ قلت: عبد الله الطويل بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال: صدقت، فأخبرني وبقرابتي من رسول الله ÷ كم رويت في علي من فضيلة من جميع الفقهاء، وكم يكون؟ فقلت: يسير يا أمير المؤمنين، قال: علي ذاك، قلت: عشرة آلاف حديث وما زاد قال فقال: يا سليمان لأحدثنك في فضائل علي # حديثين يأكلان كل حديث رويته عن جميع الفقهاء، فإن حلفت لي أن لا ترويها لأحد من الشيعة حدثتك بهما، فقلت: لا أحلف ولا أخبر بهما أحداً منهم، فقال: كنت هارباً من بني مروان، وكنت أدور البلدان أتقرب إلى الناس بحب علي وفضائله وكانوا يؤوونني ويطعمونني، ويزودونني ويكرمونني، ويحملونني، حتى وردت بلاد الشام، وأهل الشام كلما أصبحوا لعنوا عليا # في مساجدهم؛ لأن كلهم خوارج وأصحاب معاوية، فدخلت مسجداً وفي نفسي ما فيها، فأقيمت الصلاة فصليت الظهر وعليَّ كساء خلق فلما سلم الإمام اتكأ على الحايط وأهل المسجد حضور، فجلست فلم أر أحداً منهم يتكلم توقيراً لإمامهم، فإذا بصبيين قد دخلا المسجد، فلما نظر إليهما الإمام