صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في لفظ الصلاة والوضوء]

صفحة 120 - الجزء 1

  فكأنه قال: لا صلاة شرعية إلا بفاتحة الكتاب، فاستقام الظاهر الذي رام أبو عبدالله تغييره.

  ولأن عرف الشرع الشريف جرى بدخول حرف النفي لإثبات الأحكام الشرعية لا لنفيها، فكأنه # قال: الصلاة الصحيحة، أو الصلاة الشرعية التي يقرأ فيها فاتحة الكتاب، ولا يمتنع ورود الخطاب المثبت بحرف النفي، كما إذا قيل: لا مفتي في البلد إلا فلان أفاد ذلك إثباته لا نفيه، وكلمة التوحيد على هذا من قولنا: لا إله إلا الله، ورد حرف النفي للإثبات لا للنفي، وقد قال الشاعر:

  فما لي إلا آلَ أحمد شيعة ... ومالي إلا مشعبَ الحقّ مشعب⁣(⁣١)

  فقسْ جميع القبيل على هذا تُصِبْ إن شاء الله تعالى.

مسألة: [الكلام في لفظ الصلاة والوضوء]

  ذهب بعض الشافعية إلى أن لفظ الصلاة غير منقول وأنه باق على أصله ومفيد للدعاء، وحملوا قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}⁣[البقرة: ٤٣]، على وجوب الدعاء ويضم إليه سائر الأفعال والأذكار بأدلة أخر.

  والذي يدل على بطلان ما قالوه: ما تقدم من أن الحقيقة ما سبق إلى أفهام السامعين من أهل الشرع، فلا يسبق إلى أفهام السامعين من أهل الشرع إلا الأفعال والأذكار المخصوصة دون ما قالوه من الدعاء.

  وأما كونها من باب المجمل: فلأنه لما ورد الأمر بعد الإشعار بالنقل وجب تجويز بيان


= سننه (١/ ٣٢١) رقم (١٦).

(١) قال في كتاب المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل: وقول الكميت بن زيد الأسدي:

فما لي إلا آل أحمد شيعة ... ومالي إلا مشعب الحق مشعب

انتهى.