صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الحكم إذا كان بيانا لمجمل هل يدل على أن ماعداه بخلافه أم لا؟]

صفحة 130 - الجزء 1

  محروس عن هذا.

  وما يجري مجرى البيان: ينقسم إلى ما يتعين فيه المأمور به، وإلى مالا يتعين.

  فالذي يتعين فيه المأمور به يجب قصره على من وجدت فيه الصفة دون غيره، كأن يقول: اعط زيداً الطويل هذا الدرهم، فإنه إذا قال اعط زيداً القصير هذا الدرهم الذي أمر أن يعطيه الطويل عد غالطاً أو نادماً، وذلك لا يجوز وقوع مثله في كلامه سبحانه وتعالى وكلام رسوله ÷.

  والذي لا يتعين: مثل قوله ÷: «إذا اختلف البيّعان والسلعة قائمة بعينها تحالفا وترادا⁣(⁣١)» وكان شيخنا ¦ يرى القول في هذه المسألة إلى ما يوفقه الله من نتيجة النظر، ومضى إلى رحمة الله سبحانه ولم أعلم ما حصَّل في ذلك.

مسألة: [الكلام في الحكم إذا كان بياناً لمجمل هل يدل على أن ماعداه بخلافه أم لا؟]

  حكى شيخنا ¦ عن الشيخ أبي عبدالله أن الحكم إذا كان بياناً لمجمل دل على أن ما عداه بخلافه، وهو مذهب الشيخ أبي الحسن.

  وحكي عن أبي هاشم والقاضي أنه لا يدل.

  ومثال المسألة: قوله ÷: «في خمسٍ من الإبل شاة»، ثم قال: «في خمس من الإبل السائمة شاة»، وقد بينا اختيارنا فيما هذا حاله في المسألة الأولى بما فيه كفاية.

  وكان ¦ ربما نصر القول الأول، وربما نصر الثاني، فكان يحتج للقول الآخر بأن الخطاب إذا وقع بياناً جرى مجرى الخطاب المبتدأ، فكما لا يجب في الخطاب المبتدأ لا يجب فيه إذا كان بياناً لمجمل، وهذا القول يعترض بأنه لا يجري مجرى الخطاب


(١) أخرجه أحمد في مسنده (١/ ٤٦٦) رقم (٤٤٤٧)، والترمذي في سننه (٣/ ٥٧٠) رقم (١٢٧٠)، والدارمي في سننه (٢/ ٣٢٥) رقم (٢٥٤٩) والدارقطني في سننه (٣/ ١٨) رقم (٦٠) بألفاظ متقاربة.