مسألة: [الكلام في التحليل والتحريم إذا تعلق بالأعيان؛ هل هو مجمل أم ليس بمجمل؟]
مسألة: [الكلام في التحليل والتحريم إذا تعلق بالأعيان؛ هل هو مجمل أم ليس بمجمل؟]
  اختلفوا في التحليل والتحريم إذا تعلق بالأعيان كقوله سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ... الآية}[النساء: ٢٣]، وما شاكله.
  فمنهم من ذهب إلى أنه مجمل لا يصح التعلق بظاهره وهو المروي عن جماعة من الحنفية وعن الشيخ أبي عبدالله البصري وأبي الحسن الكرخي.
  ومنهم من ذهب إلى أنه ليس بمجمل وأنه يصح التعلق بظاهره وهو المروي عن جماعة من الحنفية وأكثر الشافعية، وعن الشيخين أبي علي وأبي هاشم والقاضي، وهو الذي كان شيخنا | يعتمده، وهو الذي نختاره.
  والذي يدل على صحته، وجهان:
  أحدهما: إجماع الصحابة على الإحتجاج بما هذا حاله، فلو كان مجملاً لما صح الإستدلال به.
  والثاني: أن ما هذا حاله يفيد في العرف التحليل والتحريم، وقد بينا أن الحكم للعرف؛ لأنه ناقل، وذلك ظاهر؛ لأنه إذا قال: أحللت لك هذا الطعام فإن العرف يقضي بإباحة أكله، وكذلك إذا قال: حرمت عليك هذا، قضى بتحريم أكله، وإذا قال: حرمت عليك هذا الشراب أفاد تحريم شربه، وكذلك تحليله، والأمر وغيره في ذلك سواء، كذلك إذا قال هذه الإمرأة محرمة عليك أفاد ما هو المفهوم في العرف من النكاح وما يتبعه من الإستمتاع، وكذلك إذا قال هذه الدار محرمة عليك، أفاد من قبل العرف تحريم السكنى وتوابعه، ومنه قوله تعالى: {إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً}[المائدة: ٢٦].
  وقولهم: إن التحريم إذا تعلق بالعين لم يجز حمله على العين لوجهين:
  أحدهما: أن العين موجودة والأمر بالموجود لا يصح.
  وثانيهما: أنها من أفعال الله سبحانه وهو لا يتعلق بمقدورنا ولا يجوز حمله على الأحكام؛ لأنها كثيرة وغير مذكورة في ظاهره، فليس بعضها أولى من البعض، ولا يصح