مسألة: [الكلام في جواز نسخ الشرائع]
  شرط معين، ثم ينهاه عن ذلك الفعل بعينه، في ذلك الوقت بعينه، فأما إذا نهاه عن مثل ذلك الفعل في مثل ذلك الوقت لم يكن بدا، أو نهى غير ذلك الشخص لم يكن بدا أيضاً، وموضع استقصاء الكلام في هذه الجملة هو أصول الدين(١)، وفيما ذكرناه كفاية بحمد الله تعالى.
  فأما الكلام عليهم فيما تعلقوا به من كلام موسى #، فنقول لهم: ذلك غير صحيح وهم لا يجدون سبيلاً إلى تصحيحه.
  ثم لو قدرنا صحته لوجب تأوله؛ لأن نبينا صلى الله عليه وآله قد صحت نبوته بما لا سبيل إلى دفعه من المعجزات، ثم قد علمنا من دينه ضرورة أن شريعته نسخت جميع الشرائع والملل، وأنه يجب على أهل الكتاب اتباعه، ويحرم خلافه، ولذلك كان يدعوهم إلى اتباع دينه ورفض ما هم عليه.
  وروي أنه قال: «لو كان أخي موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي»(٢)، فلو صح ما قالوه عن موسى لأدى إلى كون أحد الصادقين كاذباً، وكون أحد الحقين باطلاً، وذلك لا يجوز، فما أدّى إليه قُضِيَ ببطلانه، والكلام في حكم الأخبار المنقولة عن الأنبياء $ وما يجب المصير فيه إلى العلم من الأخبار وما لا يجب يأتي في موضعه من باب الأخبار فيما بعد إن شاء الله تعالى.
(١) قال القاضي العلامة عبدالله بن محمد بن حمزة بن أبي النجم في كتابه (التبيان في الناسخ والمنسوخ): والفرق بين النسخ والبدا، أن البدا ما يجمع شروطاً وهي: أن يكون الآمر الناهي واحداً والمأمور المنهي واحداً والفعل والوقت واحداً فإذا اختل واحد منها فهو نسخ. انتهى.
(٢) رواه في كتاب المدخل في أصول الفقه للإمام أحمد بن سليمان # والله أعلم. تمت من هامش كافل الطبري.