صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [جواز نسخ التلاوة دون الحكم، والحكم دون التلاوة، ونسخهما معا]

صفحة 150 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في جواز نسخ الأخبار، والتفصيل في ذلك]

  ذهب كثير من أهل العلم إلى أن ورود النسخ في الأخبار لا يجوز، وحكاه شيخنا ¦ عن أبي علي وأبي هاشم وجماعة.

  وذهب بعضهم إلى أن ذلك يجوز، وحكاه عن الشيخ أبي عبدالله | والقاضي وجماعة من الفقهاء.

  وكان | يفصل ويقول: إن كانت الأخبار مما يجوز تغير مخبراتها جاز ورود النسخ فيها، وإن كانت مما لا يجوز تغير مخبراتها كالإخبار بما يجب ثبوته لله سبحانه، ونفي ما يجب نفيه عنه، فإنه لا يجوز ورود النسخ فيما هذا حاله، ويحكى هذا التفصيل عن الشيخ أبي الحسين البصري، وهو الذي نختاره.

  والذي يدل على صحته: أن النسخ إنما يرد للمصلحة كما تقدم، فإذا تغير المخبر عنه عن حالته الأولى التي تناولها الخبر الأول جاز أن تتعلق المصلحة بالمخبر عنه بما هو عليه في الحالة الثانية، فيقع كل واحد من الخبرين صدقاً.

  ومثاله: كأن يكفر زيد مثلاً فيعلمنا الله سبحانه بكفره لتعلق المصلحة بالإعلام، ثم يؤمن بعد ذلك فيعلمنا الله سبحانه بإيمانه لتعلق المصلحة بالإعلام، ويكون كل واحد من هذين الخبرين صدقاً والآخرُ ناسخٌ للأول.

  ولأن بعض ما أمرنا الله سبحانه بفعله ورد بلفظ الخبر كقوله سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}⁣[آل عمران: ٩٧]، ولا مانع من تجويز ورود النسخ على ما هذا حاله فتبين ما قلناه.

مسألة: [جواز نسخ التلاوة دون الحكم، والحكم دون التلاوة، ونسخهما معاً]

  عندنا يجوز نسخ التلاوة دون الحكم، والحكم دون التلاوة، ونسخهما معاً.

  مثال الأول: ما روي أنه كان يتلى: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالاً من الله) فنسخت التلاوة دون الحكم.