مسألة: [الكلام في نسخ الشيء قبل وقت فعله]
  ومثال الثاني: كثير التعداد من ذلك الإعتداد بالحول نسخ، والتلاوة باقية، والوصية للوالدين والأقربين.
  ومثال الثالث: ما روي عن عائشة: «عشر رضعات نسخن بخمس» وغرضنا التمثيل لا القطع على صحة كون ذلك كما تقدم.
  والذي يدل على صحة ما قلناه: أنهما عبادات مختلفات، وكل عبادتين مختلفتين يجوز نسخ أحدهما دون الأخرى، أما كونهما مختلفتين فذلك ظاهر، ولهذا تعبدنا بالتلاوة في حال دون حال، وبالحكم في حال دون حال، يوضحه أن المكلف الجنب تُعُبِّدَ بحكم الإغتسال لموجب لفظ الكتاب، ولم يتعبد بتلاوته، بل تعبد بتركه.
  وأما أن كل عبادتين مختلفتين يجوز نسخ أحدهما دون الأخرى، فهو أظهر ولا خلاف فيه، فيحتج عليه.
مسألة: [الكلام في نسخ الشيء قبل وقت فعله]
  لا يجوز نسخ الشيء قبل وقت فعله عندنا، وهو حكاية الشيخ ¦ عن أصحاب أبي حنيفة وأكثر أصحاب الشافعي، وذهب جماعة منهم كالصيرفي وطبقته إلى أن ذلك جائز.
  فالذي يدل على ذلك: أن نسخ الشيء قبل وقت فعله يؤدي إلى إضافة القبيح إلى الله سبحانه، وما أدى إلى ذلك قضي بفساده.
  أما أنه يؤدي إلى إضافة القبيح إلى الله سبحانه وتعالى: فلأنه إذا أمر بالفعل لم يخل إما أن يكون المأمور به حسناً أو قبيحاً، فإن كان حسناً فالنهي الذي جوزوه عنه قبيح، وإن كان قبيحاً فالأمر به في الأول قبيح - تعالى الله عن ذلك -، وقد أدى إلى هذين القبيحين القول بجواز نسخ الشيء قبل وقت فعله، فيجب أن يكون باطلاً.
  ولا يجوز أن يقال إنه سبحانه ظهر له من الأمر ما لم يظهر أولاً؛ لأنه سبحانه عالم بجميع المعلومات، فالأول والآخر عنده سواء على ما ذلك مقرر عنده من أصول الدين، فصح ما قلناه.