مسألة: [الكلام في حكم الزيادة من الراوي العدل]
  واختيارنا في المسألة ما ذهب إليه شخينا |.
  والدليل على صحته: أن نسيان الراوي لما رواه جارٍ مجرى نسيان الشاعر لما قاله، والمصنف لما صنفه، والمناظر لما احتج به على الخصم، أو خرج به عن إلزامه، فكما أن نسيان الإنسان لما يروى عنه من هذه الوجوه لا يخرجه عن كونه موجوداً من قِبَله، كذلك لا يخرجه نسيان ما رواه عن كونه من جملة روايته، وهذا إنما يكون في النادر والشاذ، فأما تجويزه على العموم فذلك مما يقدح في كمال العقل، ويجوز للمروي عنه أن يرويه عن الراوي كما ذكرنا عن ربيعة وسهيل.
  قال شيخنا ¦ فإن قال المروي عنه: ما رويت هذا الحديث، جاز أن يكون قال ذلك بحسب ظنه، فلا يرد الخبر لقوله، قال: فإن قال: اعلم أني ما رويته، كان ذلك معارضة لروايته أولاً، وكان تجويزنا أنه قال على ظنه لتحسيننا الظن به مساوياً لتجويزنا في الراوي أن يكون رواه عن غيره ثم أسنده إليه لسهوه وتوهمه أنه رواه فكان ظاهر قوله ¦ يكشف عن أنه كان لا يجيز قبول ما هذا حاله.
  فأما نحن فنرى بوجوب قبوله على الحالتين جميعاً؛ لأنا نُجَوِّزُ فيمن يقول: اعلم أني ما رويت هذا الخبر أنه ظن ظناً مقارباً للعلم، أنه لم يروه فخبر عن حاله في ذلك، وهذا لا يخرجه عن روايته، وقول الراوي: اعلم أنك قلته أقرب إلى العمل عليه؛ لأنه خبر عن الإثبات، وقوله: اعلم أني لم أقله خبر عن النفي فيجري مجرى الشهادتين؛ لأن للأخبار شبهاً بالشهادات، وإن كانا يفترقان في بعض الوجوه على ما هو مذكور في فصوله وأبوابه.
مسألة: [الكلام في حكم الزيادة من الراوي العدل]
  حكى شيخنا ¦ أن أحد الراويين العدلين إذا انفرد بزيادة أن أهل العلم اختلفوا في ذلك؛
  فمنهم من قال: تقبل الزيادة على الإطلاق، وحكاه عن الشيخ أبي عبدالله والحاكم، وهو الذي نختاره.