مسألة: [الكلام في النبي ÷ بعد البعثة هل تعبد بشيء من شرائع من تقدم أم لا؟]
مسألة: [الكلام في النبي ÷ بعد البعثة هل تعبد بشيء من شرائع من تقدم أم لا؟]
  فأما بعد البعثة فقد اختلف الناس في أمره ~ وآله هل تعبد بشيء من شرائع من تقدمه أم لا؟
  فكان شيخنا ¦ يذهب إلى أنه لم يتعبد بشيء من شرائع من تقدمه، وإنما تعبد بشريعته وحكى عن أبي الحسن أنه كان ربما نصر هذا القول وربما نصر خلافه.
  ومنهم من قال: إنه تعبد بشريعة منها، ثم اختلفوا؛
  فمنهم من قال: إنه بجميع شرائع من تقدمه إلا ما عرض فيه نسخ أو منع، وإليه ذهب بعض الحنفية والشافعية، وهو الذي نختاره.
  ومنهم من قال: تعبد بشريعة إبراهيم # وهو مذهب أكثر الشافعية.
  ومنهم من قال: تعبد بشريعة موسى #.
  وكان شيخنا ¦ يحتج لمذهبه بأن النبي ÷ لو تعبد بشيء من شرائع من قبله لما أضيفت إليه هذه الشريعة المكرمة، ومعلوم أنها مضافة إليه فثبت أنه لم يتعبد بشيء من شرائع من قبله.
  قال: وإنما قلنا ذلك لأنه يكون مؤدياً عمن قبله فلا تضاف إليه الشريعة كما لم تضف شريعة موسى # إلى يوشع بن نون لما كان نائباً ومؤدياً، واستدل على ذلك أيضاً بدليل ثان وهو أنه لو تعبد بشريعة من قبله لكان يجب على أتباعه الفزع إلى الكتب التي قبله من التوراة والإنجيل وأهلهما ومعلوم أنهم لم يفزعوا، فثبت أنه لم يتعبد بشيء من ذلك.
  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: العقل والسمع:
  أما العقل: فقد تقرر فيه أن الشرائع مصالح، وأنها إذا وردت من قبل الله سبحانه وتعالى بأمر عام للأشخاص والأوقات قضى العقل باستمرار تلك المصلحة إلا أن يرفعها نسخ يعلم به من جهة العقل أيضاً تغير تلك المصلحة.