مسألة: [الكلام في أنه لا يجوز إنعقاد الإجماع إلا عن دلالة وأمارة]
فصل: في الإجماع
[الكلام في إجماع الأمة على فعل]
  اعلم أن الإجماع يقع بالفعل والقول والرضى.
  وكان شيخنا ¦ يقول: إن الأمة إذا أجمعت على الفعل فإن ذلك يدل على أن غيرهم فيه مثلهم إلا بدلالة، ولم يذكر فيه وجهاً من الإحتجاج. وعندنا أنهم إذا اتفقوا على فعل من الأفعال كان لا يخلو: إما أن يعلم قصدهم في ذلك الفعل أو لا يعلم؛ فإن علم قصدهم في ذلك الفعل وجب علينا العمل على مقتضى قصدهم، وإن لم يعلم قصدهم لزمنا أن نفعل مثل فعلهم من حيث حرمت مخالفتهم، ووجب اتباع سبيلهم، وقضينا بوجوب مثل فعلهم علينا؛ لأن نتبع سبيلهم، ونخرج من عهدة الأمر؛ فأما إذا قالوا قولاً وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وآله قول يخالفه في الظاهر؛ فإنا نقضي بظاهر قول الأمة، ونتأول كلام النبي صلى الله عليه وآله؛ لأنا نقول: إنهم لو علموا أن ظاهر كلام النبي صلى الله عليه وآله ينافي ظاهر كلامهم ما تكلموا ولا أجمعوا على ذلك القول.
  وكان شيخنا ¦ يذهب إلى هذا القول ويحتج له؛ فأما القول بمنافاتهما ومعارضتهما فإن ذلك يؤدي إلى إطراح أحدهما أو مجموعهما وذلك لا يجوز؛ لأن كل واحد منهما يجب اتباعه واطراح ما يجب اتباعه لا يجوز، ولا يجوز أن يجعل الآخر ناسخاً للأول؛ لأن النسخ بالإجماع لا يجوز، وقد تقدم الكلام فيه في باب الناسخ والمنسوخ.
  فأما الكلام إذا قال بعضهم ورضي بعضهم، وكيفية الرضى وما يتبع ذلك، فسيأتي الكلام فيه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
مسألة: [الكلام في أنه لا يجوز إنعقاد الإجماع إلا عن دلالة وأمارة]
  ولا يجوز عندنا انعقاد إجماع الأمة إلا عن دلالة وأمارة؛ وحكى شيخنا ¦ عن قاضي القضاة أنه قال: من الناس من جوز انعقاد الإجماع عن توفيق لا توقيف،