صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في النص على علة الحكم قبل ورود التعبد بالقياس هل هو تعبد بالقياس بها أم لا؟]

صفحة 307 - الجزء 1

  لم يكن الأصل بأن يكون أصلاً أولى منه بكونه فرعاً والفرع أصلاً، فيؤدي ذلك إلى أن لا يبن الفرع من الأصل، وذلك لا يجوز، ولأنه لا يقاس إلا على أصل معلوم الصحة، ولا تعلم صحته، ولا يصح القياس عليه، إلا باعتبار غيره ليكون أصلاً له، وذلك الغير لا تستقر صحته إلا بعد صحة غيره ليكون فرعاً لذلك الغير معلوم بعد تقرر علمه بوقف بعضها على بعض وكان لا يصح العلم بشيء منها.

  فأما قياسها على الأصول المتقررة في العقل فلا يجوز ذلك؛ لأنه لا مدخل للعقل في معرفة ما هذا حاله؛ لأن التعبد إنما يقع للمصلحة، والمصلحة غيب استأثر الله سبحانه بعلمه فلا سبيل للعقول إلى المعرفة به.

مسألة: [الكلام في النص على علة الحكم قبل ورود التعبد بالقياس هل هو تعبد بالقياس بها أم لا؟]

  اختلف أهل العلم في النص على علة الحكم قبل ورود التعبد بالقياس هل هو تعبد بالقياس بها أم لابد من تعبد زائد؟

  فمن نفاة القياس من قال: إن النص على علة الحكم يوجب إجراء الحكم على ما وجدت فيه تلك العلة، وهو أبو إسحاق النظام ومن طابقه على ذلك من نفاة القياس، وغيرهم من الفقهاء، وهو قول الظاهرية، وأبي الحسين البصري، وكان شيخنا ¦ يذهب إليه.

  وحكى عن الجعفرين وبعض الظاهرية أن النص على العلة ليس بتعبد بالقياس بمجرده وإنما يجب إجراء الحكم إذا قد ورد التعبد بالقياس.

  قال: وذهب إليه الشيخ أبو عبدالله وقاضي القضاة ثم حكى اختلافهما بعد ذلك.

  فقال قاضي القضاة: إذا ورد التعبد بالقياس تعدت العلة ولا يحتاج إلى دليل يخص تلك العلّة.

  وقال أبو عبدالله: لابد من اشتراط ذلك.