صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في فحوى الخطاب هل هو قياس أم لا؟]

صفحة 339 - الجزء 1

  وهذا يبين أن المانع إنما يؤثر في انتفاء وقوعه عند بعض الأمارات في بعض الحالات؛ فأما وقوعه حيث يقع فإنما يتعلق بمجرد الأمارات، ونحن نعلم ذلك من أنفسنا ولا يمكنهم أن يقولوا إن تجويز المانع يجب أن يقدح في وقوعه عندنا؛ لأنا نعلم أن هذا التجويز لا يمنع منه كما أن العلة الثابتة بالطريقة التي تثبت بها العلل لا يقدح في الظن بكونها علة، وتعليق الحكم بها تجويز وجوب علة أخرى تترجح عليها، وإن كانت لو وجدت لم يحصل الظن بحكم العلّة الأولى، وإذا ثبت ما ذكرنا لم يمتنع أن يتعلل الحكم الشرعي بعلة ثم يقترن بمثلها في بعض المواضع ما يخرجها من كونها علة لمانع يخص ذلك الموضع.

  مثال ذلك: ما يقوله أصحاب أبي حنيفة إنه إذا ثبت أن ما لا يكون حدثاً خارج الصلاة لا يكون حدثاً، اقتضت هذه الأمارة الظن أن القهقهة في الصلاة لا تنقض الوضوء، فمتى ورد نصّ يخصّ القهقهة بأنها ناقضة له حصل عندها من الظن ما لا يحصل عند تجردها، وهذا يبين أن تخصيص العلة الشرعية جائز.

  وكان شيخنا | يمثل ذلك: بأنّا نعلم أن تحريم بيع الموزونات ببعض نسأ كالحديد والنحاس وما شاكلهما مع الوزن، ويجوز مع ذلك بيع سائر الموزونات بالذهب والفضة نسأ مع ثبوت العلة فيهما وهو الوزن.

مسألة: [الكلام في فحوى الخطاب هل هو قياس أم لا؟]

  اختلف أهل العلم في فحوى الخطاب هل هو قياس أم لا؟

  فذهب جماعة إلى أنه قياس وذلك هو قول الشيخ أبي الحسين البصري، وكان شيخنا ¦ يذهب إليه، وهو الذي نصره في كتابه الموسوم بالفائق في أصول الفقه.

  وذهب جماعة إلى أنه ليس بقياس، وهو قول القاضي والحاكم.

  ومثال المسألة: قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}⁣[الإسراء: ٢٣]، هل المنع من ضربهما وشتمهما يثبت بالقياس أم لا؟

  فعند أبي الحسين ومن طابقة كما قدمنا أن ذلك لا يثبت إلا بقياس الأولى؛ لأنه إذا منع من التأفيف لكونه إذىً ينافي التعظيم فلا شك في كون شتمهما وضربهما أبلغ في