صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: في الإستحسان

صفحة 343 - الجزء 1

  عنده، ورخص في السلم» والسلم والسلف واحد لا فرق بينهما، وهذا يقتضي افتقار عقد السلم إلى أن يكون رأس المال مقبوضاً ليصح كونه سلفاً.

  وهذه الوجوه تدلّ على أنهم لم يعدوا في الإستحسان النص، وطريقة الإجتهاد، والإجماع أو أقوى القياس وهذه الوجوه يجب اتباعها عندنا.

  وقد اختلف أهل العلم في حدّه:

  فحدّه بعضهم: أنه العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى منه، وهذا الحد يبطل باستحسانهم العدول عن القياس إلى النص كما فعلوه في حكم الصائم، وكذلك استحسانهم العدول عن القياس إلى دلالة الإجماع في حكم السلم، وكاستحسان أصحابنا في فم الهر أنه يطهر من دون الغسل ليوم وليلة؛ فإنهم إنما تركوا القياس في الأفواه للخبر.

  وحدّه بعضهم: بأنه ترك طريقة إلى أخرى أولى منها لولاها لوجب الثبات على الأولى، ويقرب من هذا حد أبي الحسن، وهو قوله: إن الإستحسان هو أن يعدل الإنسان عن الحكم في المسألة بمثل ما يحكم به في نظائرها إلى خلافه لوجه أقوى من الأولى يقتضي العدول عن الأول، ويلزم على هذا أن يكون القياس الذي يعدل عن الإستحسان إليه استحساناً.

  قال شيخنا ¦: فيجب أن نعتمد في حده ما ذكره الشيخ أبو الحسين البصري، وهو: أن الإستحسان ترك وجه من وجوه الإجتهاد غير شامل شمول الألفاظ لوجه أقوى منه، وهذا الحد صحيح إلا أنه يمكن أن يعترض: بأن من حق الحد أن يكون أظهر من المحدود، وهذا الحد أغمض من المحدود؛ فالصحيح في حده حينئذ أن يقال: الإستحسان هو العدول عن الحكم في الحادثة بحكم نظائرها بدلالة تخصها هي أقوى فيها من الأولى عند المجتهد، وبهذا القدر يتم الكلام في حد الإستحسان ومعناه.

  وأما الكلام في تسميته: فاعلم أن الأسامي لا يثمر النزاع فيها إذا قد صحت المعاني؛ لأنها تعود إلى اختيار المسمين، ولا يحسن في ذلك الإعتراض، ويمكن أن يحتج على صحة هذه التسمية بأنهم لما كانوا إذا عدلوا عن الحكم في الحادثة بحكم نظائرها لدلالة