صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في طريقة استصحاب الحال]

صفحة 401 - الجزء 1

  وأما إذا كان الحكم المستدام شرعياً فمثاله أن يقول القائل للمتيمم إنه إذا رأى الماء قبل صلاته وجب عليه التوضي به فكذلك إذا راءه بعد دخوله في الصلاة، ومن زعم أن فرض الوضوء يتغير بالدخول في الصلاة فعليه الدليل.

  قال ¦: وهذا بعيد لأنه إن شرك بين الحالين في وجوب الوضوء لاشتراكهما فيما دل على وجوب الوضوء فليس باستصحاب الحال الذي ننكره، ويذهب إليه المخالف، وإن شرك بينهما في ذلك لاشتراكهما في علته فهذا قياس، وإن شرك بينهما بغير دلالة ولا علة فليس هو بأن يجمع بينهما أولى من أن لا يجمع بينهما.

  وبعد، فهذا قياس بغير علة وأصحاب الظاهر يمنعون من القياس بعلة فكيف يجوزونه بغير علّة هل هذا إلا مناقضة ظاهرة في الحكم والتعليل؟

  فإن قيل: حدوث الحادث لا يغير الأحكام فحدوث الصلاة إذاً لا تغير وجوب الوضوء.

  قلنا: ليس يمتنع اختلاف المصالح بحدوث الحوادث وبهذا ورد النص بإسقاط الوضوء على الرائي للماء في الصلاة مع وجوبه على من راءه قبل الصلاة.

  فإن قيل: لو لم يتعد الحكم من حالةٍ إلى حالةٍ لوجب قصره على الزمان الواحد.

  وأجاب عن ذلك: بأنه يجوز أن لا يكون دليل الحكم وعلته قد عما الأزمنة، وقد قدّمنا الكلام في هذه المسألة وأن استصحاب الحال لا يصح عندنا على وجه من الوجوه أعني أنه لايكون لمجرده دلالة.

  فأما قصر الحكم فلا يجوز عندنا بغير دلالة كما قلنا في تخصيص العلة ما دام العبد مكلفاً لذلك الحكم الذي دل الدليل على وجوبه عليه، ولا يكون التجويز دلالة لأنا لا نمنع من ثبوت الحكم الممكن إن قامت عليه دلالة فهذا ما احتمله هذا المكان من الكلام في هذه المسألة.