[توجه الإمام إلى ميتك]
[توجه الإمام إلى ميتك]
  فلما طلع إلى شوابة(١) أمسى بمكان يقال له: الخايسين، وقد كان بلغ العلم إلى صنعاء، فخرجت الخيل والرجال إلى ابن حفيظ - وهو الوالي في البون والظاهر(٢) - فأثبتوا عليه العيون والأرصاد، فعزم على التقدم في أصحابه، وهم صنوه عماد الدين يحيى بن حمزة، وابن عمه صفي الدين محمد بن إبراهيم وفارسان، وأربعة عشر راجلاً، فقال له أصحابه وشيوخ البكيليين: (بق علينا وعلى نفسك فلا طاقة لنا بالقوم)، فساعدهم على كره، وعاد إلى شوابة وكتم أمره.
  وكان قد استعمل الركوب، وأخذ السلاح والخروج بأصحابه إلى ظاهر البلد كل يوم، فلم يبق أحد ينكر ذلك، فركب على العادة قبل عيد رمضان المذكور بيوم، وقد كان أعد ما يحتاجون إليه من الزاد، وكان ركوبه وقت الظهر، فوصل منهل سيلان للطهور على العادة، فأمر أصحابه بالمسير، فارتاعوا لذلك وسألوه فقال: أريد ميتك إن شاء الله، فساروا مستعظمين للأمر؛ إذ لا طريق إلا أوساط بلاد همدان، وعلى العيون والأرصاد.
  فوصل بركة مزود(٣)، وتطهروا وصلوا عليها، ونهض وقد كادت الشمس تغرب، وصدروا إلى قرب ريدة، وصلوا المغرب والعشاء الآخرة، ثم ساقوا سوقاً عظيماً إلى طلوع الفجر، وأمر أصحابه بالتفرق عنه؛ لئلا ينكر حاله، فمر
(١) شوابة: بلد معروف من أعمال ذي بين في بلاد بكيل.
(٢) الظاهر: المراد ظاهر همدان، من بلاد بني صريم، ويشتمل على خمروالوادي ويشيع والعقيلي وغيرها.
(٣) مزود: منطقة وقبيلة من بني حكم، إحدى قبائل أرحب في شمال صنعاء.