[إقامة الإمام بميتك والصلح مع السلطان علي بن حاتم]
  يقف له سهم في جنة -، فأكثر الصوائب في القوم حتى انقشعوا عن القطع، فزحفت الغوامر وحملوا عليهم فألجأوهم إلى باب الحصن ولم يزل القتال إلى الليل.
  فلما كان بكرة السبت نهض بنفسه فلما رأوه أعلنوا بالتهليل وسألوا الأمان، فأمر إليهم براية، وطلب أهل البلاد قتلهم فمنعهم من ذلك، ودخل الحصن إليهم وحده ومعه خادم له، وهم سبعون رجلاً الذين بقوا في المكان فلما صار في رأس الحصن أشار إلى الناس بالانصراف، وأمر لأهل الحصن فبايعهم، ومَنَّ عليهم، وأخرجهم بسلاحهم وقماشهم، ولقد استوهب خادم فرسه من أحدهم قدر ربع صاع، فأمر برده وشد عليه في ذلك، ولما استقر أمره بالحصن أمر لأهله وقال: قد ملكت هذا الحصن ولكم فيه العمارة ولست أقيم فيها إلا بإذنكم، فإن أذنتم وإلا خرجت منه، فقالوا بأجمعهم: رضينا أزلت منا الخوف وأمنتنا من الحرب.
[إقامة الإمام بميتك والصلح مع السلطان علي بن حاتم]
  وكانت إقامته فيه سنتين وثلاثة أشهر يحارب الظالمين، وسار في البلاد أحسن سيرة، وأمنوا على أنفسهم وأموالهم، واختلطوا في الليل والنهار، ووجدوا راحة العدل، وظهر الصلاح وارتفع الفساد ببركته وحسن تدبيره.
  ووقع الصلح بينه وبين السلطان علي بن حاتم في شهر ذي القعدة على يد الشريف الأجل يحيى بن عبد الله بن سليمان بشرط صيانة بني معمر(١)؛ لأنهم وصلوا إليه إلى الجوف وبايعوه، فأقام السلطان مدة يسيرة وخرج لهم مخرجاً عظيماً وانتقض الصلح وثار الحرب.
(١) معمر: المراد بها هنا: بلدة في حجور مديرية ظليمة، شمال عمران، أعلاها حصن نعمان.