السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[طلوع سيف الإسلام إلى حجة وصنعاء]

صفحة 157 - الجزء 1

  وكان أهل ميتك يصلون إليهم فيقاتلون اليوم واليومين ويروحون، حتى حضر الصراب واشتغل كل في نهجه، وفسد بنو أعشب من غير مشقة تلحقهم كراهة للحق وأهله، وخرج السلطان عمرو بن علي من كوكبان في عسكر كبير، ولقيه السلطان محمد بن الحسين صاحب مسور في عسكر آخر، وخالفت بنو أعشب على ولاة الإمام، وكان المتولي بها يومئذ الشريف أبو هاشم بن محمد، وكان المجتهد في ذلك أبو السعد بن سعيد من بني هب، وعبد الحميد بن علي من بني كنب، فراح منهم لما علم بفسادهم، ولقيه المادة من ميتك فلقيهم الخبر باختلال القوم، فلما استقر أمر السلطان على بني أعشب وقعت بينهم مصالحة وموادعة.

[طلوع سيف الإسلام إلى حجة وصنعاء]

  وفي خلال ذلك سيف الإسلام قد بلغ إلى حجة وكتب إلى الإمام فلم يرد له جواباً يشفيه، ونصب نفسه لحربه.

  فاجتمع إليه أصحابه وقالوا: كيف نعمل، هذا سلطان العرب حاط خلفك وهذا سلطان العجم أمامك، وكلاهما يريد هلاكنا؟.

  قال: نُلَقِّي هؤلاء وجوهنا وهؤلاء ظهورنا، فالعرب أرفى بنا وأبقى لو قدروا علينا.

  قالوا: وكيف ذلك؟.

  قال: إن قتلتنا العرب لم تسلبنا، وإن سلبتنا لم تصلبنا، وإن صلبتنا لم تكشف حريمنا.

  فكفى الله سلطان العجم وأتى كتابه بالملاطفة والمناصفة، وكفى الله المؤمنين القتال.