السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[ترثية الإمام لأخيه الشهيد محمد بن حمزة]

صفحة 159 - الجزء 1

  العدو، وقال لأصحابه: (لا نحاربهم حتى يبدأونا بالحرب)، وكان قوي الدين، شديد الورع، كاملاً فاضلاً، فما حاربهم حتى بدأوه بالحرب، وكان لا يملك نفسه عن الإقدام، فلما تلاحم القتال زحف في طائفة من الناس، فلم يزل يقاتل قدماً قدماً وهم ينكشفون عنه، وأصحابه يتأخرون عنه جماعة بعد جماعة، حتى صار إلى مكان عند البركة المعروفة بشوحطين، والعدو لازم بها، فأحاطوا به من كل جهة فقاتل أشد قتالاً، وهم يرمونه بالصخر والنبل، ولم يبق معه أحد من أصحابه سواه، فلم يزل يقاتل حتى صرعوه، وصار يضاربهم بسيفه حتى أثخنته الجراحات، قبرك على ركبتيه وهو يضارب، وأصاب رجلين بضربتين، ولم يزل كذلك حتى قتل ¥ مجاهداً في سبيل الله.

  وجاء رجل من بني شاور بسيفه بعد ذلك وهو مثلم، فتمثل الإمام #، بقول الشاعر:

  ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

  يخبرن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جربن كل التجارب

[ترثية الإمام لأخيه الشهيد محمد بن حمزة]

  ثم رثاه بقصيدة أولها:

  رُوَيدَكُمَا لَا تَعْذِلَانِي فَإنَّنِي ... نَهضْتُ لِمَا يُرضِي المهيمنَ طَالِبَا

  وَفِي مَا يُرِيدُ الله مَا تَكرَهَانِهِ ... وَمن كَانَ منهُ غَادَرَ النَّاسَ جَانِبَا

  نَصِبْتُ مِنَ الأَحدَاثِ وهي فَضِيلَةٌ ... عَلَيَّ بأن أصبحتُ فِي اللهِ نَاصِبَا

  إلَى كم يَتِيهُ المرءُ في طلبِ البَقَا ... فيركبُ في جَنْبِ الحَيَاةِ مَصَاعِبَا

  ومِيتَتُهُ تَحتَ السيوفِ حَياتُهُ ... إذا كان في دار الكرامةِ رَاغِبَا