السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[دعاء الإمام #]

صفحة 162 - الجزء 1

  وتركهم ثلاثة أيام، وكتب إليهم كتاباً يدعوهم إلى الله، وإلى إبلاغ الحق في قتل أخيه، وتسليم الجناة إليه ليحكم فيهم بحكم الله، فعاد جوابهم أن أيديهم في القتل والحرب واحدة، فجهز إليهم الجنود، وحاربهم الحرب الشديد، وضيق عليهم المسالك، ولم يعرض لزرعهم جملة في بدئ الأمر، فتقوى نظره واجتهاده أن للمحتسب أن يفعل ما يفعله الإمام السابق إلا الحدود والقصاص والتولية والجمعة، فأمر بخراب زرعهم، وشدد عليهم الحرب، وهم في خلال ذلك يطلبون النجدة من الظلمة، وهم يمنونهم بالنصرة.

  حتى خرج سيف الإسلام المخرج العظيم إلى الجوف وصعدة والمغارب واستولى عليها ثم صار إلى الظهيرة، والإمام # يحض الناس على حربه ويوطن النفس على لقائه، ويقول لأصحابه: (غرضنا الجهاد في سبيل الله والشهادة، وقد كنا نتمنى لقاء الترك والروم والإفرنج في بلادهم غضباً لله، فهذه المقادير قد ساقتهم إلينا).

  ولما قرب سيف الإسلام من البلاد فسد أهلها وذلوا وكاتبوه، فنهض بجنوده وسبق العيون التي كانت عليه حتى حط شرقي جبل ميتك فأصبحت خيامه منصوبة، وقد كان أصحاب الإمام # يزعجونه ليتأخر عن مقاتلة العدو، ويعلمونه بفساد العشيرة، فلا يؤثر فيه قولهم حتى قالوا له: يا هذا قد ركنت على الجنة فما بقيت تخاف الموت، فيقول: أنا أخوفكم من النار.

  واشتد الأمر وعظم الخطب فأمر صارخاً في العشيرة فما جاءه سوى رجلين في أهبة الحرب، وقد كان أتى قبلهما أو بعدهما أنفار على غير أهبة مودِّعين، فبينا هم كذلك إذ طلع من العسكر الحصن المعروف بشبعان قدر أربعمائة،