ذكر بيعته العامة ودعوته العادلة سلام الله عليه
ذكر بيعته العامة ودعوته العادلة سلام الله عليه
  تقدم من الجوف إلى الحقل في شهر ذي القعدة من سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وصار إلى هجرة دار معين فأقام بها أربعة أشهر تنقص أياماً، وكان في هذه المدة ما تقدم ذكره من اجتماع العلماء إليه واجتهادهم واختبارهم، والاعتراف له بالفضل والسبق، ووجوب الطاعة وتسليم الأمر إليه، واستحقاقه له.
  وطلع بَريدٌ من الأميرين الكبيرين الداعيين إلى الله، شمس الدين وبدره، يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى لما وصل إلى دار معين للقاء، وعزما على ذلك، واتفق طلوع الأمير بدر الدين محمد بن أحمد من الغور فعارضه مرض فكان ذلك سبب تأخرهما، فلما أَبَلَ من مرضه وصلت مطالعتهما بالوصول، وكان اللقاء إلى الصعيد من أرض بني مالك، فاجتمع به خلق كثير.
  قال القاضي أيده الله: ذكر لي من أثق به أنه اجتمع من الشرفاء والفضلاء والعلماء والمسلمين خاصة أربعمائة، فوقعت المفاوضة والمراجعة وافترق الناس فأمسوا في البطنة وأورد كل من أولئك سؤاله وامتحانه من تلك الليلة، ثم استمروا ثمانية أيام يسألون الليل والنهار حتى ازداد الحق وضوحاً وبياناً.
  وكان للأميرين من الاجتهاد في ذلك ما ليس لغيرهما، فعرفا ما لم يعرفه غيرهما، وأقرا بسبقه وفضله، وعلما وجوب طاعته.