[توجه الأمير بدر الدين إلى نجران وبقاء صنو الإمام لإصلاحها]
  وحكى القاضي أيده الله عمن يثق به: أنه اجتمع من الفياس قدر ألف، ومن التراس نحواً منها، ثم نهض الأمير بدر الدين إلى موضع يقال له: رهوان(١)، واستمر في طريقه حتى وصل أعلى وادي نجران، فجاءه بنو الحارث مستسلمين متودين، فطلب منهم الرهائن، فرهن بنو الحارث: هشام بن حرب من بني عبد المدان، وولد علي بن هشام وهو مولى لهم، وكان يومئذ المتولي لأمرهم.
  وتقدم الأمير في العسكر إلى كوكبان وأمر الناس بالمحطة في جانب من المدينة وأمنهم، فلما أصبح صاح رجل من خولان يقال له: أحمد بن غراب لمضرة أرادها بهم: إن الأمير قد أباح أهل كوكبان، فنهض العسكر بأسرهم فانتهبوا ما في المدينة، ثم ركب الأمير وقرع الناس بعد أن أصيب رجل من أهل المدينة بضربة فانقرعوا، وأمرهم بالاجتماع إلى المحطة، وعَظَّم عليهم الأمر، وأغلظ في القول، وأظهر الغضب، فأعلمهم أن ذلك لا يسوغ لهم، فرد كل منهم ما صار إليه، حتى ثلاثة أعواك من غزل، وقبضت الرهائن من بدو نجران وقرارها على الطاعة وتسليم الواجبات، وأخربوا الكنائس التي جددت عمارتها، وصلحت أحوالهم.
  ثم عاد الأمير بدر الدين إلى الأرباط ولقيه الأمير عماد الدين بقبائل شاكر، ووقعت المراجعة، وقد حضر إليهما الأمير علي بن المحسن، والشيخ محيي الدين محمد بن أحمد النجراني في أمر البلاد، ومن يقوم بالأمر فيها، ويصلح أحوالها، ويجري أحكام الله فيها، فوقع الإجماع على وقوف الأمير عماد الدين يحيى بن
(١) رهوان: قرية بلاد وايلة.