[كلام الإمام # يدعو الناس إلى بيعته]
  وجعل بعده الحجةَ على عباده كتابَه المبين، وعترةَ رسوله الأمين، كما روي عن خاتم النبيين: «أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى»، «إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».
  أيها الناس: إنه لما عظمت نعم الله لدينا، ووجبت حجته علينا، - وصرنا أعلم الناس بالحلال والحرام، وأعرفهم بشريعة محمد #، وأولاهم بتدبير الأمور، وأبصر بسياسة الجمهور، ولم يبق لنا عند الله تعالى في الغفلة معذرة، في الدنيا والآخرة - قمنا إلى الله تعالى داعين، وإلى ما يرضيه ساعين، ولأمره مطيعين، ولهديه متبعين، حيث قال في كتابه المبين: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤}[آل عمران: ١٠٤]، فدعونا الناس إلى رضا الله جاهدين، هادين إلى الحق مهتدين، باذلين للنفوس والأموال مجاهدين، وقد بلغتكم دعوتنا، وقرعت أسماعكم واعيتنا، ووجبت عليكم بيعتنا، وقد روي عن جدنا سيد البشر أنه قال: «من سمع واعيتنا أهل البيت ولم يجبها كبه الله على منخريه في نار جهنم»، وقد طال ما أسدل الظلمُ رُواقَه، وألقى على بدر العدل محاقَه، وأظهر السلطانُ شقاقَه، وأخذ على الظالمين ميثاقَه، والآن قد أذن الله بعلو الحق واستظهاره، واشتهار العدل وانتشاره، ودمغ الباطل وخمود ناره، وهدم مناره، وانطماس آثاره.
  فبادروا - رحمكم الله - فقد وجب عليكم الفرض، إلى جنة عرضها السموات والأرض، واغتنموا الفرصة، قبل نزول الغصة، واستقصاء كل قصة.
  وانظروا لأنفسكم ما دمتم في مَهَل، قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل، والسؤال عن العمل.