السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[رجوع الإمام إلى شبام]

صفحة 360 - الجزء 1

  الأولى من سنة خمس وتسعين، فقابل الأمير محمد بن فليتة بما هو أهله من الإكرام والإحسان، وأقام الإمام # ومن معه عنده ثلاثة أيام، وسأله الإقامة ليفرق في البلاد شيئاً من المال ليستعين به على الأمر فلم يساعده، لما خشي من اختلال البلاد، وما يعلمه من فساد أهلها، فنهض مبادراً وقد أتت إليه كتب من السلطان عمرو بن حاتم يستحثه.

  فلما وصل إلى الحز أتاه جماعة من جهة اليمن من عند الفقيه الفاضل سليمان بن ناصر السحامي بشيء من المال، جمعه وبادر به لما علم من ضيق الحال في ذلك الوقت، إذ هو من أشد الناس رغبة في إقامة الدين، وتقوية أمر الإمام #، مع سعة في العلم، واجتهاد في عمارة الهجر في جهة اليمن وغيره، حتى إنه رد أهل مخاليف كثيرة من مذهب الجبر والتشبيه إلى مذهب العدل والتوحيد، وأحيا بلاداً واسعة، فجزاه الله خيراً.

  ولما وصل الإمام إلى شبام تلقاه أهلها مسرورين بوصوله، مستبشرين بالأمان، وكان عندهم خوف شديد من الغز، فوقف بها يومين، ورأى عند السلطان عمرو بن علي بن حاتم خوفاً من الغز لوصوله إليه، وقد كان بين آل حاتم وبين إسماعيل خطاب وذراعة على صلح، وقد يئسوا من الإمام # لما وقع من تفرق عسكره وقتل السلطان جكو، فتقدم إلى ثلا بمن بقي من خواصه وأصحابه، وقد كان شجاع ابن خالة سيف الدين وصل في الخيل التي مر بها على فدة، وهي سبعة عشر فارساً من الغز إلى شبام فركبوا مع الإمام إلى ثلا بعد ضرة لحقتهم وما أيقنوا السلامة إلى وصوله واتفاقهم به.