[دخول أهل جبل أداف في البيعة والطاعة]
  سلام عليكم، فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله لنا ولكم الهداية والإرشاد، إلى طريق الخير والسداد.
  أما بعد: يا أهل صعدة: فإن الله قد جعل برحمته وعترة نبيه ÷ بلدكم حرماً آمناً، وربعاً حصيناً، وغديراً عذباً، تجبى إليه ثمرات كل شيء، وتعمر عرصاتها القطرات والإبل المؤبلة، قد جعل الله مِنَّةَ قريش واقعة عليكم، فأطعمكم من جوع، وآمنكم من خوف، لغير سابقة منكم، ولا يد إلى عترة نبيكم، ولا قبلتم مسيئنا لما فعله محسننا، وقد جاء في الأثر: «هبوا مسيئنا لمحسننا»، فتَحَنَّنَّا عليكم تَحَنُّنَ الشفيق، وحفظناكم حفظ الصديق الرفيق، ثم جريتم على سنن الاستقامة ما جريتم من المدة، حتى استطولتم أمد العافية، وأحرزتم أرسان المهلة، أوضعتم في أودية الضلال، وسلكتم مسالك الجهال، واستخنتم أعدل وال، وأنا أخشى إن تماديتم أن يكون مآلكم شر مآل، فاللهَ اللهَ في أنفسكم لا تهلكوها، وفي أستاركم لا تهتكوها، وفي بلدكم لا تخربوها، وفي أرواحكم لا تذهبوها.
  وقد بلغنا من بعضكم أنه قال: لم يقهر للغز فكيف لنا، فوارحمتا له من الغز، وسبحان من رحمه من جورهم بهذه الدولة المنصورة وسواه، ونحن نعيذ بالله من أراد اللهُ رحمتَه أن يتعرض لحرب هذه الدولة، فإن إسماعيل أقوى من ذلك المسكين، فقد نكسه الله بنا على رأسه من نقيل خدار، وفر منا أقبح فرار، ولم يقرَّ به من خوفنا قرار، وها نحن وقفنا في وجهه، وحرقنا طعامه، فما تَرَكَنَا رحمةً ولا شفقةً، ولا حُبَّاً ولا إجلالاً، إلا مخافة وذلّاً، فإن كان الله قد أراد هلاككم فالله تعالى ينتقم لضعيفكم من قويكم، ولصغيركم من كبيركم، ولغافلكم من جاهلكم، فإنهم يحملون أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم، وكان الله الشاهد عليكم، وكنت بريئاً إلى الله سبحانه مما يلحقكم، ولا تقيسوا الأمر بالأمر فإن الإمام المتوكل على