[رجوع الإمام إلى أهله في صعدة بعد غيبة سنة وثمانية أشهر]
  أخباره وطول غيبته وكان قد غاب عنهم سنة كاملة وثمانية أشهر وعشرة أيام، و [كانت] مدة إقامته عندهم [قبل السفر إلى اليمن] منذ دخوله بهم [إلى نهوضه إلى الجوف] عشرين يوماً، ونهض عنهم موطناً نفسه على الصبر وتحمل الأثقال، [وهذه المدة التي غاب عن أهله فيها] فكان فتح صنعاء وذمار [وما فتح الله عليه من علو البلاد والاستظهار] في هذه المدة، فكان جوابه # لأهله [عن سؤالهم عن حاله] بهذه الأبيات [قالها على البديهة] ارتجالاً:
  مَا زال سيفي وشَاحي مذ فَرَقْتُكُمُ ... حتّى دخلتُ عليكم سَاحَةَ الدَّار
  فسائِلي الخيل عنّي فِي مواقفها ... مَا كان إذ ذاك إيرادي وإصداراي
  ألم أكن يومَ صنعا قطبَ كَلكَلِها ... وفي ذمَار ألم يَسْطَع سَنا ناري
  وهل قذفتُ بنفسي غير مُكتَرثٍ ... في جَحفلٍ كسَوَاد اللّيل جَرّار
  والعُرب حائمةٌ حولي ومَا وقَعَت ... حتّى رَفَعْتُ مَنار المجد لِلسّاري
  فإن هلكتُ فلا خَمشَاً ولا شَللاَ ... ولا أبيح لحِبٍّ حَلق أشعاري
  بل ذكر أيَّام صِدْقٍ كلها غُرَرٌ ... بخفض صوتٍ وتلطيفٍ وأسرَار
  ثم وقف يومين، ونهض في اليوم الثالث إلى صعدة فتلقاه السلطان مبارز وكافة الجند إلى وادي الخانق(١)، فنزلوا عن ظهور الخيل إجلالاً للإمام #، وساروا بين يديه، ولما دنا من صعدة خرج أهلها إلى ساحة البلد في السلاح والعدد والخيل والزينة، فسلموا عليه، واستبشر الجميع بوصوله، فأقام أربعة وعشرين يوماً والقبائل تفد إليه من كل جهة للسلام، وتأدية الحقوق والبر، مدة
(١) وادي الخانق: واد مشهور في جنوب صعدة في بلاد العبديين، لسحار ووادعة، فيما جبلي الصمع والسنارة، يبعد عن صعدة ١٠ كم تقريباً، وكان به قديماً سد الخانق.