السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[توجه الإمام إلى الجوف ووصول الوفود إليه]

صفحة 450 - الجزء 1

  بكلامه على عزان بن فليتة لما كان قد تقدم منه من الإساءة في أخذ درب سدال، فأغلظ عليه في القول، فالذي ضبطت من لفظه ومعاني كلامه # أن قال:

  إنا ما تركناكم عجزاً عنكم، بل رأفة بكم، وحفظاً للجيرة المتقدمة والألفة بيننا وبينكم، وأنتم تعلمون أن إسماعيل بن سيف الإسلام أكثر منكم مالاً، وأقوى منكم حالاً، وأكثر خيلاً ورجالاً، ففللنا شباته، ونغصنا عليه حياته، وخرج من صنعاء خائفاً يترقب، وأمواله تؤخذ في كل جهة وتُغنم، فاعرفوا حدكم، ولا تتعدوا طوركم، ثم دعوناكم إلى الجهاد في سبيل الله فأجابنا منكم من أجاب على كره وقلة رغبة، وفي نفسه الهزيمة، وضعف العزيمة، حتى إذا وجد رائحة العدو اضطربت أحواله، وانقلب على عقبيه هارباً، ولو صَدَقُوا الله لكان خيراً لهم، فخسرتم الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، ثم طلبنا منكم المعونة على الجهاد بأموالكم فصعب عليكم ذلك أشد الصعوبة، فإذا كنتم تضنون بأموالكم، ولا تجاهدون بين يدي عترة نبيكم بأنفسكم، فبماذا تلقون خالقكم؟!، فالله المستعان، ثم تركناكم لاشتغالنا بما هو أهم منكم من حرب عدونا وعدوكم، فسهرنا ونمتم، وجعنا وشبعتم، وتعبنا في رضا الله سبحانه واسترحتم، ورضينا منكم بصلاح ذات بينكم، لِتَحَنُّنِنَا عليكم، وحِفظِنَا لصحبتكم، فأبيتم إلا التمادي في قطع أسباب الخير، وفتح أبواب الشر، وقصد كل واحد منكم صاحبه، وأعد العدة لحربه، وهذا كلامنا، والصلاة على محمد وآله.

  فتقدم السلطان عزان بن فليتة بولده وحصانه رهناً فيما وجب عليه وحدث منه في درب سدال، وفيما يلزمه من حقوق الله، وعلى ما يوجبه عليه حكم الشريعة، واعتذر فيما كان منه، فقبل الإمام عذره وانقياده، وجعل لهم موعداً للفصل