[فتح المحالب وشعر الإمام في ذلك]
  فَلَولَا خِيانَاتُ الثِّقَاتِ لأصبَحَت ... جُثَاهُم غُثَاءً فوقَ تلك الجَنائِب
  فَحَطَّت عَلَى بَابَي سُرَاقَةَ بَرْكَهَا ... بِعَزمٍ ورَأيٍ فِي المُهِمَّاتِ صَائِب
  فَيَا لَكَ يَومَاً مَا أشدَّ على العِدَى ... وأحْسَنَ فِي عين الولِيِّ المُصَاحب
  غَدَوْا بين مجموعٍ بِقَيدٍ مُكَبَّلٍ ... ومفترقٍ بالمرُهِفَات القَواضِب
  وَلاَح لَهَا برقٌ شَرَى بتهَامَةٍ ... عِشَاءً كَمثلِ السَّيفِ فِي كَفِّ لاَعِب
  فَطَارَت إليه مِن هِيَاجِ سُرَاقَةٍ ... لترَعى عوَافِي نَبتِهِ فِي المحَالبِ(١)
  فَهَل بَعدَ سَبعٍ لَيلِهَا ونَهَارِهَا ... مَرامٌ لِغَازٍ أو مُرادٌ لِطَالِب
  فَمَا شَعَرُوا حتَّى رأوهَا مُغِيرَةً ... سَوامِي الهوَادِي مُشرفَاتِ الحَوَاجِب
  تَجِيشُ بفتيَانِ الحُرُوبِ يَقُودُهُم ... إلَى الرَّوعِ مَرهوبُ اللِّقَا غَيرُ هَائِب
  فَرَفّعَ عنهم سَيْفَه حِلمُ نَفسِه ... ولو شاءَ كان الموتُ ضربَةَ لاَزِب
  فَتَىً من بني مروان سَادَاتِ خِندِفِ الـ ... ـكرَامِ لُبَابِ اللُّبِّ من آلِ غَالِب
  مَسَاعِير فِي الهيجا مَطَاعِيْنَ فِي الوَغَى ... مَطاعِيمَ فِي اللأوَا كرامِ المَناسِب
  نَضَاهُ أميرُ المؤمنين مُهَنّداً ... على ضدِّه فِي شرقِهَا والمغَارِب
  فَمَا امتنَعَت من شَفرَتَيِهِ ضَرِيبَةٌ ... ولَا انتصَرَت مِنه رُؤوسُ الشَّناَخِب
  وَشَايَعَهُ فِتْيَانُ صِدْقٍ إلى الوغى ... فَأكرِم بِهِ مِنْ صَاحِبٍ وَمُصَاحِب
  فَهُم عندَنَا أوْلَى بِمَا قَالَ أوّلاَ ... زِيادٌ سَليمُ القلبِ من كُلِّ عَائِب
  وَلَا عَيْبَ فيهم غير أن سيُوفَهُم ... بِهِنَّ فُلُولٌ من قِرَاعِ الكَتَائِب
  يُخَبِّرنَ عن أزمَانِ يَومِ حَليمَة ... إلَى اليوم قد جرّبن كُلَّ التَّجَارُب
  أمَا والذِي طَافَ الحَجِيجُ بِبَيتِهِ ... عَصَائِبُ شُعثاً تَقتَدِي بِعَصَائِب
  لَقد نَلتَ فخرَاً يا ابنَ مَرَوَانَ بَاذِخَاً ... أضاءَ لِكُلِّ الناسِ من كُلِّ جَانِب
  بِنَصرِ ابنِ بِنتِ المُصطَفَى وَوَلِيِّهِ ... إمامِ الهُدَى المطلوبِ من آلِ طَالَب
(١) العوف: نبات طيب الرائجة.