[كتاب الإمام # إلى قتادة بن إدريس مع مفرح ونمير]
  يد سبقت منا إليه، بل منة منه علينا، ونعمة أسداها إلينا، ذلك {مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ٤٠}[النمل]، وقد بلغتنا كتبك في الموسم المبارك، وما حققت فيها من الأعلام، ولا شك فيما ذكرت أيدك الله بتوفيقه، غير أن الله سبحانه يقول: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ٨}[الحشر: ٨]، والله ما أفقرهم إلا ما حكى أصدق القائلين من ابتغائهم فضل الله ورضوانه وهجرتهم في سبيل الله، وما الأمر - بحمد الله - بمتساوٍ، بل قد رفع الله سبحانه معظم المشقة عنا، ونحن نعلم أنك إذا خرجت بجيشك انتقلت إلى ملك وسيع، وصيت رفيع، وعز منيع، ونعشت دين آبائك الطاهرين، الذين شادوا منار الدين، وأحيوا سنن المرسلين، سلام الله عليهم أجمعين، وارتجعت ضالتك المفقودة، وشيدت قواعد مجد آبائك المهدودة، ونقمت ثأرك المطلول، وسننت غرار سيفك المسلول، فقد طال ما تداول أمركم الذي جعل الله لكم العبيدُ والإماءُ، والخصيان والنساء، وإنما أخذوه باسمكم أولاً وآخراً، وأعانهم عليه قوم آخرون، فقد جاؤوا ظلماً وزوراً، فكيف تسمح نفوسكم بأمر لو كان ملكاً لحسن منكم بذل المهج فيه، وتلف الأرواح دونه، وأنتم لب اللباب، وقد فزتم برباطة القلوب، وشرف النصاب، وذكاء الألباب، وطهارة النيات، وإن لم يكن الأمر فيكم عاماً ففيكم أكثره ومستقره، وإليكم مرجعه ومرده، وأنتم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الوحي، ومختلف الملائكة، والحكمة تربية حجوركم، والكتاب حليف صدوركم، والسنة