فتح المحالب وغزوة حرض
  ملاك أموركم، وفيكم علم الله سبق، وأنتم شهداؤه على عباده، وأمناؤه في بلاده، وما نال القوم ما نالوا إلا بالانتساب إلى أدنى سبب من أسبابكم.
  واحد قالوا: نطق القرآن بأنه صاحبه في الغار، وثانٍ: ناصره على الكفار، وثالث: صهره وقرينه.
  ولما تقطعت الوصل بينه وبين معاوية وأمه الهاوية قالوا: خال المؤمنين، لمكان أخته من رسول الله ÷، فكيف بكم يا لكم الخيرات، وأنتم لحمه ودمه، وشعره وبشره، وعترته وذريته، وأهل الطعن والشزر، والضرب الهبر، واحدكم يهزم باسمه الصف، ويقوم مقام الألف، ولا يولي يوم الزحف، يصل السيف بالخطى، ويناطح شفار الظبا، على حمية أو عصبية، أو منع جار، أو حماية ذمار، فكيف بكم وهذه رايتكم منصوبة، وقباب عزكم مضروبة، وإمامكم مشهور، ومجدكم معمور، قد قهر جنود الظالمين بنصر ربه، فصاروا حيارى لا يهتدون يميناً ولا يساراً، ملأ الله قلوبهم رعباً، فصاروا يرون البعد قرباً، هذه صنعاء أبوابها عليهم موصدة، وعماد الخوف عليهم ممددة؛ وهذه زبيد ليس فوق ما هي فيه من الرعب من مزيد، قد ضاقت بأهلها من أقطارها، ونبت بهم عن قرارها؛ وهذه بوادي تهامة، أجفلت إجفال النعامة، فأما قراها، فلله عينا من يراها، {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا ٨ فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ٩}[الطلاق]، فهذا المطلب الأول، وهو أعظم المطلبين أمراً، وأعلاهما ذكراً، وأكبرهما أجراً، وأسناهما فخراً.
  وأما المطلب الآخر الأسنى، وكلّاً وعد الله الحسنى، فإنه تواتر الإمداد بالأموال والرجال، في الحال بعد الحال، التي تستحكم الأمور، وتصلح الجمهور، ولا