فتح المحالب وغزوة حرض
  ثالث لهذين المطلبين؛ فمثلك ممن له شرف أصلك، وكمال عقلك، واشتهار فضلك، لا يعزب عنه الصواب، ونحن نسأل الله أن يوفقنا وإياك لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، وأن يهدينا لرشدنا، ويعرفنا سبيل نجاتنا، وأن يعيننا على أنفسنا الأمارة بالسوء، فإن جهادها الجهاد الأكبر، كذلك جاء في الأثر، عن خير البشر، محمد ÷، وقد جاءتنا بشارات قبل هذه المطالعة بإقبالك إلينا بالجنود المتظاهرة، والعدد الوافرة، والجموع المتكاثرة، فارتجت لذلك البلاد، واضطرب أهل الفساد، وارتاع أرباب العناد.
  وأما ما كان بلغ إلينا من الأمر بمن يصلح لتقويم البلاد، وإرشاد باغي الرشاد، فما منع من ذلك إلا قلة من يصلح لمثل ذلك الشأن، وقليل من عبادي الشكور، فالله المستعان.
  وقد بلغنا - أبقاك الله - ما خولك الحكيم من الاستظهار، وحسن الآثار، وأنت أهل لذلك، فالله تعالى يتمه عليك بإحسان، ويمدك بمواد الامتنان؛ فعليك بارتباط ذلك بلين الجانب، للأقارب والأجانب، والصبر على أذية الصاحب؛ لأمر ما يُسَوَّدُ من يسود، وعليك بالانقياد لأهل الديانة والعلم، فإنهم أعوانك على الحق، وأدلتك على الرشد، وإن كان ذلك هو المأثور عندك، والمرجو فيك، وكن بينهم كأحدهم، وبين أهل الدنيا على حالة توجب الجلالة، وتكسب الهيبة، وإياك والغضب ودوامه فإن ذلك أخلاق السباع، وقصوره فإن ذلك من أخلاق الصبيان، ولتتخذ بين ذلك سبيلاً؛ وقد علم أن الآن قد أطلق الله سبحانه سلاسل الاعتقال، فلتشكره على ذلك، فاحمد الله حيث جعل أحكامك شرعية، وأفعالك نبوية، وسيرتك إمامية، ولك بذلك بلوغ الأغراض