خروج إسماعيل إلى صنعاء والأحداث
  واعلم أن ثواب السلطان إذا أطاع الله سبحانه عظيم، وعقابه إذا عصى الله أليم؛ لأنه متبوع فله في ثواب غيره وعقابه شرك، وقد خيرت بين الدنيا والآخرة، أو الدنيا منغصة مكدرة زائلة فانية بلا آخرة، فاختر لنفسك، أخذ الله تعالى إلى الرشد بيدك، ومسح بيد الرحمة على ناصيتك، ووفقك لتفرق بين رشدك وغيك.
  واعلم أنك تشرف بالانتساب إلى من يشرف بالانتساب إلينا إذا سئل وأنصف من بني عمنا ببغداد، الذين جعلوا الخلافة ملكاً، والخشونة فيما أوجب الله فيه الخشونة ليناً، لأنك لا تجهل حال أصحاب رسول الله ÷، ومن طلب الخلافة منهم فجزاهم الله عنا وعن الإسلام خيراً، لقد كانوا للإسلام نجوماً، وللشياطين رجوماً، فهل علمت أحداً منهم احتجب احتجاباً غليظاً؟ وهل بات من خوف النار إلا جريضاً؟.
  وإن شئت فانظر إلى أمير المؤمنين، وسيد المسلمين علي بن أبي طالب عليه صلوات الله ورضوانه ورحمته وبركاته، فلقد كان يخصف نعله، ويحمل بضاعته، لقد شرى تمراً بدرهم ثم حمله على ظهره من السوق بنفسه، أين هذه السيرة من سيرة أصحابنا الذين سفهوا أحلامنا، وقطعوا أرحامنا، وابتزوا أمرنا، وأنكروا فضلنا.
  هذا أبونا علي بن أبي طالب # «خير البشر فمن أبى فقد كفر» قاله النبي ÷، وأمنا فاطمة الزهراء، وجدتنا خديجة الكبرى، وخالنا إبراهيم بن رسول الله ÷، وعمنا جعفر الطيار مع الملائكة في الجنة، فأي شرف يوازي شرفنا، أو مجد يشاكل مجدنا، ونحن عترة رسول الله ÷، وخزان علمه، وورثة كتاب الله، وولاة أمر الله، ونحن أهل البيت الذين كان جبريل إليهم يهبط ومنهم يصعد.