السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

غزوة نجران الثانية وأحداث أخرى متفرقة

صفحة 547 - الجزء 1

  الظمأ، وملأ كل من العسكر يديه من الغنائم، وبقيت بيوت الشعر والآلات لم يستطع أحد نقلها، فضربوها بالنار، وحطوا في الحلة، وجاءت أخبار وأراجيف بأن للبدو اجتماعاً إلى بئر حميد، وأنهم يريدون هجم المحطة، فلما أصبح نهض السلطان في جريدة من الخيل يريد قصد القوم إلى البئر فوصلوا إلى درب أبي العزام، - وهو أعلى من البئر - فطلبوا من أهل التودية والطاعة، فجاؤوا بشيخ كبير منهم رهنوه خداعاً منهم، حتى أحكموا أمرهم وأخربوا المحمولة التي على خندقهم، وامتنعوا وسبوا الأشراف، وتأهبوا للحرب ولم يحفلوا بصاحبهم، فتقدم إليهم الأمير صفي الدين للمعذرة إلى الله فيهم، والنصيحة لهم، ودعاهم إلى طاعة الله وطاعة الإمام # فامتنعوا، فاجتهد في ذلك فأبوا، ورموه بعد السب والأذية بالحجارة، فلما يئس منهم ولم يبق للحديث إليهم وجه، ترجلت الجند من الخيل، ووقع القتال الشديد، وجاؤوا بالخشب من النخل، فوضعوها على الخندق ودخلوا عليها قهراً، وأعطى الله النصر على أعدائه فقتلوهم إلا القليل، وتغنموا ما وجدوا في دربهم، وعادوا إلى المحطة، ولم يكن لخبر البدو حقيقة في الأصل، وأقبلت أهل البلاد بعد أخذ هذا الدرب من وادعة وشاكر وغيرهم بالطاعة والامتثال، وسلموا الرهائن فيما يجب عليهم من حقوق الله، وتمهدت البلاد وصلحت أمورها.

  ووصل البشير إلى حوث بما فتح الله تعالى لوليه، فَسُرَّ بذلك وحمد الله تعالى، وخر ساجداً شكراً لله، وبُشِّرَ المسلمون بنصر الله.