ورعه #
  ومثل ذلك: رواه محمد بن الحسن الرصاص بمذاب(١)، ذكر أن العسكر وصل بعد غروب الشمس فتبادر الغلمان لأخذ العلف، فركض # الفرس نحوهم ولزم منهم غلاماً لبعض الشرفاء فضربه ضرباً وجيعاً بالسوط، فرد الكل منهم ما كان معه.
  وأتى إليه قوم كثير بشيء من البِرِّ، وفي جملتهم رجل سلم إليه ديناراً فخلطه في جملة الدنانير، وسأله عن الدينار على جاري عادته فأخبره أنه زكاة، فسلمها إلى متولي قبض بيت المال، ولم يأخذ منها شيئًا لنفسه بعد ذلك.
  وروى الشيخ الفاضل أحمد بن الحسن الرصاص أنه أتى إليه رجل فسلم إليه ديناراً في المسجد الجامع بصعدة وسائل يسأله فسلمه إليه، فعاد إليه صاحب الدينار فشكى عليه شكية فأخرج من جيبه ديناراً وأمر بعض أصحابه بتسليمه إليه عوضاً عن ديناره، وأن يستبرئ له منه، فقال له الرجل: إنه بر، فقال: قد قبلناه منك، وهذا الدينار صدقة عليك، وأشكاه وقضى حاجته.
  ومثل ذلك قد شاهدته مراراً كثيرة لا أحصي عدتها.
  ومنها: أنه أتى إلى دار لعبد الله بن منيع في الدرب الذي أحدثه في دار غصبه من الجوف الأعلى فلم يُصَلِّ بها؛ لأنهم كانوا عمروا ذلك الدرب بغير مراضاة من صاحب البقعة، فأعلموه # بأنه قد أباح لهم فلم يقبل حتى أتاه شاهدان، ثم أتاه في اليوم الثاني صاحب البقعة فحقق الخبر، وكان قد
(١) مذاب: واد شهير في بلاد سفيان، وغربي مدينة صعدة.
وتطلق مذاب أيضاً على قرية في ضوران آنس، ولعلها المراد هنا.