[قصيدة في حال الصغر]
  سَلَا مَربعي جُملِ الدَّرِيسِينَ عن جُمْلِ ... وَلَا تَسألا عَن مَنزِلٍ مُوحِشٍ عُطْلِ(١)
  عَفَتهُ الغَوَادِي والسَّوَارِي بِمَرِّهَا ... فَأضحَى كَظَنِّ السُّوءِ فِي مُهجَةِ الخِلّ
  تلاحظه عيني فأحسب أنما ... ترحل منه قطعة الإجلِ من أجلي(٢)
  وَفِيهِ كَنَقْطِ الثَّاءِ سُفْعٌ رَوَاكِدٌ ... أو البَقرِ الوَحْشي ضُمْنَ على عِجْلِ(٣)
  وأَشْعَثَ عَارٍ كَالأسِيرِ مُسَجَّحٌ ... أَعاضُوهُ من طَوقِ العَنَا رِمَّةَ الحَبْلِ(٤)
  تَبَدَّلَ بعد الأُدْمِ من نَسلِ آدَمٍ ... بأَدَمٍ من الصِّيرَانِ مَسلُوبَةِ الفَقْلِ(٥)
  تُذَكِّرُنِي عَينُ الغَزَالِ وجِيدُهَا ... بِجُمْلٍ وجُمْلٌ لا تُقَايَسُ بالمِثْلِ(٦)
  وَلَيلٍ أَتَى كَالْهَجرِ من جُمْلَ أسوَدٍ ... وأنجُمُهُ مِثلُ المَوَاعِيدِ بِالوَصْل
(١) في البيت جناس تام في كلمتي جمل: فجُمْل كقُفْل اسم امرأة، جمل بنت شراحيل المازني، أو جمل امرأة من بني عامر، الدريس: الطريق الخفي. وجمل جمع جَمَل، وهو معروف.
(٢) الإجل بكسر الهمزة: القطعة من بقر الوحش.
(٣) السُّفع جمع سفعاء: وهي واحدة الأثافي، وهي الحجارة التي يوضع القدر عليها، وهي من آثار أهل الدار، وهي ثلاث أحجار من ثلاث جهات والجهة الرابعة مفتوحة، ولهذا شبهها بنقط الثاء.
وضمن: أي صوتن، لأن المضمن من الأصوات: ما لا يستطاع الوقوف عليه حتى يوصل بآخر، والعجل بالكسر: ولد البقر. والمعنى أنه لم يبق من الدار وسكانها إلا الآثار كالأثافي، أو البقر الوحشي التي تصوت على أولادها.
(٤) الأشعث: الوتد، والأسجح: الحسن المعتدل، والطوق: كل ما استدار على الشيء، شبه الوتد في الدار بالأسير المطوق بالقيود في عنقه، ولكن ليس بقيود من حديد وإنما رمة الحبل البالي.
(٥) الأدمة في البشر: السمرة، والأدم محركة: سواد في قلب النخلة، والصيران جمع الصَّوْر: وهو النخل الصغار أو المجتمع، أو أصل النخلة، ومسلوبة الفقل: أي لا ثمر فيها. أي أن الدار تلك تبدلت بسكانها من البشر بني آدم، بالنخل الصغار الذي لا ثمر فيه، ولا أحد يهتم به، أو بأصول النخل.
(٦) جمل: اسم امرأة، والمراد به هنا اسم مستعار أطلق على من يقصد الإمام # في هذه القصيدة، نزلهم منزلة المعشوق لحبهم ومكانتهم عنده.