في المحبة لله تعالى وحسن المراقبة
  القرآن فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله.
  ومن علامات المحبة: الأنس بالخلوة في الفلوات والليالي المظلمات انقطاعاً إلى الله تعالى عن الخلق، فمن استأنس بالناس فهو من أهل الإفلاس.
  وروي أن عابداً كان في غيضة فر أي طائراً حسناً قد عشش في شجرة فانتقل قريباً منها ليأنس بالطائر ويستريح بحسن صوته، فأوحى الله تعالى إلى نبي ذلك الزمان قل لفلان العابد: استأنست بمخلوق والله لأحطنك درجة لا تنالها بشيء من عملك أبداً.
  وقال يحيى بن معاذ: من لم يكن فيه ثلاث خصال فليس بمحب، يؤثر كلام الله تعالى على كل الخلق، ولقاء الله تعالى على لقاء الخلق، والعبادة على خدمة الخلق. ومنها أن لا يتأسف على ما فاته من الحظوظ وإنما يتأسف على لحظة تمر في الغفلة عن الله تعالى.
  وقال إبراهيم بن أدهم: بينما أنا في السياحة إذ سمعت قائلاً يقول:
  كل شيء مغفور ... سوى الإعراض عنا
  قدوهنالك ما فا ... ت بقي ما فات منا
  وقال بعضهم: عبدت الله تعالى حتى ظننت أن لي عنده شيئاً كثيراً فرأيت في المنام صفاً من الملائكة بعدد ما خلق الله تعالى من شيء، فقلت: من أنتم؟ قالوا: نحن المحبون لله ø نعبده هاهنا منذ ثلاثمائة سنة ما خطر على قلوبنا سواه، ولا ذكرنا غيره قط، فاستيقظت وقد استحييت من الله تعالى أن أذكر أعمالي وأحوالي.
  وحكي أن إبراهيم بن أدهم ¥ لقيه رجل وهو نازل من جبل