طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية

صفحة 156 - الجزء 1

  صلوا الظهر قال الرجل: أنا ضيفك يا قنبري، فقال: مرحباً وسهلاً بالضيف فدخل معه البيت فغدَّاه وأكرمه، ثم خرجا المسجد وصليا صلاة العصر مع الناس، والقنبري لم يعمل شيئاً زيادة على الناس، ثم جاء المغرب فحضر القنبري المسجد وأولاده وهو ينازع هذا، ويمازح هذا، ويتكلم على هذا، فلا صلوا العشاء قال الرجل للقنبري: إني ضيفك هذه الليلة، فقال: مرحباً وسهلاً بالضيف، فدخل معه فأكرمه وعشاه، وجلس معه قليلاً ثم قال لضيفه: استرح في هذا المجلس وخرج من عنده موهماً أنه سينام في مكان آخر، فلما خرج تبعه الرجل بعد قليل، فإذا هو يتوضأ ثم قام يصلي، وكان قد جعل له ميضأة في جانب غرفته، وبجانبها محراب عبادته، فصلى طوال الليل ركوعاً وسجوداً، واستغفاراً وتهليلاً، وابتهالاً، وصلى صلاة لم ير الرجل مثلها، فلما طلع الفجر أذَّن وأقام، ودخل عليه ثلاثة من أولاده فصلى معهم، فلما أسفر خرج من مصلاه وقوَّم⁣(⁣١) ضيفه، وخرجا المسجد وكأنه قائم من النوم تلك الساعة، فتوضأ مع أصحابه وصلَّوا الفجر وتماسك هو وبعضهم، وتنازعوا، وارتفعت الأصوات والرجل يراقب القنبري ويسجل في فكره كل حركاته، فرجعوا إلى البيت للإفطار فقال الرجل: لقد سمعت ورأيتُ عجباً فما شأنك؟ قال: وما رأيت وما سمعت؟ قال: بينما أنا مسافر إلى صعدة فسمعت صوتاً من أعمدة الجراد يسمع الصوت ولا يرى الشخص، يقول: يا جند الله عليكم بوادي علاف إلا زرع القنبري فتعجبت ثم حولت سفري إلى وادي علاف لأرى القصة، فلم يخف عليَّ شيء من منازعتك مع أصحابك ومهاتراتك معهم، ثم ما حدث مع الجراد وتركها قاعاً صفصفاً أعناباً وأشجاراً ومزارع، كأنها مجدبة من سنين، ثم سلامة زرعك،


(١) أي أيقضه للصلاة.