طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

أويس القرني رضي الله تعالى عنه

صفحة 166 - الجزء 1

  رؤوسهم، المغبرة وجوههم، الخمصة بطونهم، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإن خطبوا المتنعمات لم ينكحوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، قالوا: يا رسول الله كيف لنا برجل منهم؟ قال: «ذاك أويس القرني»، قالوا: وما أويس القرني؟ قال: «أشهل ذو صهوبة، بعيد ما بين المنكبين، معتدل القامة، آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه إلى صدره، رامٍ بصره إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله يتلو القرآن يبكي على نفسه، ذو طمرين لا يؤبه له، مئتزر بازار صوف ورداء صوف، مجهول في أهل الأرض، معروف في السماء، لو أقسم على الله لأبر قسمه، ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد: ادخلوا الجنة، ويقال لأويس: قف فاشفع فيشفعه الله في مثل ربيعة ومضر، يا عمر يا علي إذا أنتما لقيتماه فاطلبا إليه أن يستغفر لكما يغفر الله لكما» قال: فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه، فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها عمر قام على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من اليمن أفيكم أويس؟ فقام شيخ كبير طويل اللحية فقال: أنا لا أدري من أويس ولكن ابن أخ لي يقال أويس وهو أخمل ذكراً، وأقل حالاً، وأهون أمراً من أن نرفعه إليك، وإنه يرعى إبلنا حقير بين أظهرنا، فعمى عليه عمر كأنه لا يريده، وقال: أين ابن أخيك هذا أبحر منا هو؟ قال: نعم، قال: أين يصاب؟ قال: بأراك عرفات، قال: فركب عمر وعلي راعاً إلى عرفات، فإذا هو قائم يصلي إلى شجرة والإبل حوله ترعى، فشدَّا حماريهما ثم أقبلا إليه فقالا: السلام عليكم ورحمة الله فخفف أويس الصلاة ثم قال: السلام عليكم ورحمة الله، وبركاته، قالا: من الرجل؟ قال: راعي إبل وأجير