طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

أويس القرني رضي الله تعالى عنه

صفحة 167 - الجزء 1

  قوم، قالا: لسنا نسألك عن الرعاية وعن الإجارة، ما اسمك؟ قال: عبدالله، قالا: والأرض كلهم عبيد الله، ما اسمك الذي سمتك أمك؟ قال: يا هذان ما تريدان إلي؟ قالا: وصف لنا محمد ÷ أويساً القرني فقد عرفنا الشهوبة والشهولة، وأخبرنا أن تحت منكبك الأيسر لمعة بيضاء فأوضحها لنا فإن كانت بك فأنت هو، فأوضح منكبه فإذا اللمعة، فابتدراه يقبلانه، وقالا: نشهد أنك أويس القرني فاستغفر لنا يغفر الله لك، قال: ما أخص باستغفاري نفسي ولا أحداً من ولد آدم، ولكنه في البر والبحر في المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، يا هذان قد شهر الله لكما حالي وعرفكما أمري فمن أنتما؟ قال علي #: أما هذا فعمر، وأما أنا فعلي بن أبي طالب، فاستوى أويس قائماً فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته وأنت يا علي بن أبي طالب فجزاكما الله عن هذه الأمة خيراً، قالا: وأنت فجزاك الله عن نفسك خيرا، فقال له عمر: مكانك يرحمك الله حتى أدخل مكة فآتيك بنفقة من عطائي، وفضل كسوة من ثيابي، هذا المكان ميعاد بيني وبينك، قال: يا أمير المؤمنين لا ميعاد بيني وبينك إلا أراك بعد اليوم، فعرفني ما أصنع بالنفقة؟ وما أصنع بالكسوة؟ أما ترى علي إزار من صوف ورداء من صوف متى تراني أخرقها؟ أما ترى أن نعلي مخصوفتان متى تراني أبليهما؟ إني أخذت من رعايتي أربعة دراهم متى تراني آكلها؟ يا أمير المؤمنين، إن بين يدي ويديك عقبة كؤوداً لا يجاوزها إلا ضامر مخف مهزول، فاخفف رحمك الله، فلما سمع عمر ذلك ضرب بدرته الأرض، ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت عمر لم تلده أمه، يا ليتها كانت عاقراً لم تعالج حملها، ألا من يأخذها بما فيها ولها، ثم قال: يا أمير المؤمنين خذ أنت هاهنا حتى آخذ أنا هاهنا، فولى عمر ناحية مكة،